الأحد، 15 نوفمبر 2015

"ضدية المضائف في ساحة المناقشة"

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين ، و الصلاة و السلام على نبي العالمين محمد بن عبدالله (ص) .. 

المضيف -بضم الميم أو فتحها- يعني مكان اجتمعت فيه ثلة من خدمة الحسين من أجل خدمته و توزيع بركات أهل البيت عليهم السلام ، و انتشرت في الآونة الأخيرة المضائف في مختلف المناطق و بين الأحياء ، فأصبحنا نرى بين المضيف و الآخر مسافات بسيطة قد تقدر حتى بالخطوات ! فهل فكرة المضيف خاطئة ؟ و هل انتشار المضائف ظاهرة خاطئة ؟ و ان لم تكن كذلك فما المشكلة من وجود هذه المضائف ؟ 

من خلال أسلوب حل المشكلة القائم على تحديد و حصر المشكلة ، فرض حلول منطقية لها و تجريب الحلول و اختيار الأنسب علينا تحديد المشكلة المتعلقة بالمضائف أولًا و من ثمة الذهاب لجزء الحل ..
أين المشكلة ؟ هذا السؤال الذي نحتاج للإجابة عليه حول هذا الموضوع الذي بدأ يشغل أذهان البعض و يسبب نوع من الحساسية للبعض الآخر ، هل المشكلة الآن في فكرة المضيف من الأساس على أنها خاطئة و يجب الوقوف ضدها أم هي مشكلة أخرى لا تمس الفكرة ؟ 
الإجابة تختبأ في الهدف من إقامة المضائف ، و مما لا شك فيه إن هدف المضيف هو التجمع من أجل الحسين وخدمته و هو بحذ ذاته احياء لذكر الحسين و أهل البيت عليهم السلام ؛ فهل احياء ذكرهم مقتصر فقط على حضور المآتم و المشاركة في مواكب العزاء ؟ هل الشخص المقدم للبركة في المضيف لا يحيي ذكر الحسين بهذا العمل ؟! 
فهل يعتبر بذلك مؤذي للطائفة ، للمذهب و للشيعة ؟! هل يوجد عقل يجيب بـ"نعم" ؟ لا يوجد ! فلا خطر على المذهب و على شيعة الحسين من هذه المضائف و بالتالي فوجود المضائف ليست المشكلة.

و كون المشكلة هي من نوع آخر -ليست فكرة وجوده يعني- فعلينا سؤال أنفسنا ، ما المشكلة إذًا ؟ إن استطعنا تصور بيئة المضيف و التعرف على مكونات هذه البيئة قد نتوصل لمناطقة المشكلة في هذه القضية ، و بالعودة لتعريف المضيف المذكور في البداية نستنتج أن للمضيف أربع أركان رئيسية و هي : الشخوص ، الزمان ، المكان و البركة الموزعة ، و هي أقطاب جذب المشاكل و افتعالها ؛ فكل مضيف تتواجد فيه هذه العناصر و لا وجود لمضيف في منطقة أو أخرى لا توجد فيه هذه العناصر الأربع.
و من هذا المنطلق و لحصر المشكلة علينا دراسة كل ركن و المشاكل الممكن حدوثها :-

1- الشخوص : و هم الأفراد العاملون في المضيف ، القائمون على تأسيسه و إدارته ، و لا وجود لأية مشكلة مترتبة على مشاركة شخوص معينة في العمل المضيفي.

2- البركة الموزعة : و هو الطعام ، الشراب ، النذورات و غيرها المعطاة في المضائف و إن كانت هناك مشكلة تمس هذا الجانب فهو جودة الطعام و مدى التزامه بالمعايير الصحية مثل عدم الالتزام بفترة صلاحية بعض الأطعمة ، أو عدم تنظيفها جيدًا -كالفواكه-.

3- الزمان : و هي الفترة الزمنية المفترض فتح المضائف فيها ، و كما نعلم جميعًا فإن فترة فتح المضائف تكون في ليالي و أيام الوفايات أو المواليد المنسوبة لأهل البيت فقط ، و لا مشكلة في ذلك. و قد تتسبب الفترة التي يبقى لها المضيف مفتوحًا مشكلة للبعض -كبقاء المضيف مفتوحًا لما بعد منتصف الليل.

4- المكان : و هو المكان الذي ينصب فيه المضيف ، و قد تكون أغلب المشاكل المعنية و المنسوبة للمضائف متعلقة بهذا الجانب و لذلك علينا التوقف عند هذه النقطة و دراستها بشكل أدق قليلًا .. 

مما لا يخفى على أحد منكم ، إن أماكن توزع المضائف ثلاث : طريق سير العزاء ، المأتم و الأحياء السكنية. فمنطقة سير العزاء جدًا مهم و ذلك يصب في مصلحة العزاء و المعزين قبل كل شيء ؛ فالموكب يحتاج لهذه المضائف حول جانبيه. و أما المآتم فوجود المضائف عندها قد يعينها أحيانًا و لكن قد يزعج الخطيب أو المتواجدون في المآتم -غالبًا- ، و ذلك لإرتفاع عدد المتواجدون عند المأتم و ارتفاع أصواتهم التي قد تعلوا على صوت الخطيب أحيانًا ! أما المنطقة الثالثة و هي الأحياء السكنية فلا مشكلة في تواجد مضائف ، و لتوضيح ذلك فلنفترض وجود منطقة (قرية / مدينة) مقسمة لثلاث مناطق ، جنوبية ، شرقية و غربية ، و العزاء يمر بالمنطقة الغربية و الشرقية فقط ، لعدم اتساع الوقت أو لطول المسافة ، فهل يعقل أن تنتشر المضائف في المنطقة الغربية و الشرقية فقط دون المنطقة الجنوبية من تلك القرية ؟! فضلًا عن كون ذلك عملًا مواسيًا للحسين و تحت شعار "احيوا أمرنا".

و بذلك نستطيع أن نحصر المشكلات في الآتي : عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، و بحصر المشكلات و تحديدها نستطيع الآن فرض الحلول المنطقية لكل مشكلة و اختيار الانسب للتطبيق من بينها ، و كون المشاكل المتعلقة بالمضائف لا تتعلق بفكرة المضيف بل بـممارسات متعلقة بالأركان الأربعة المذكورة سابقًا ، و ذلك يعني أن الحل لا يكون إغلاق المضائف أو التخلص منها و إنما إيجاد طرق لتقويم تلك التصرفات و جعلها صحيحة فلا توجد مشكلة حينئذ.

و بالرجوع للمشكلات التي تم حصرها نراها شبه متشعبة و كل مشكلة متعلقة بركن مختلف و قد لا يكون هناك رابط بين هذه و تلك ، و بإتباع أسلوب حل المشكلة المذكور سابقًا سنحتاج لعنوان أو مصطلح يشمل تلك المشكلات جميعها تحته فيكون جامعًا لهم ، و بالتالي سنكون قد حصرنا المشكلة في كلمة أو اثنتين -و هذه أولى طرق حل المشكلة-.
و قد نتمكن من إيجاد ذلك المصطلح إذا ما أيقنا أن كل ركن من تلك الأركان يؤدي عمل و وظيفة معينة كما له دور لإكمال صورة العمل المضيفي ، و إن كل ركن عامل هنا ثمة ما يحركه و هو"الهدف" ، فالهدف هو الغاية المرادة و النتيجة المنشودة من خلف كل عمل أو تحرك ، و ذلك لا يشمل الأركان الأربعة فقط بل كل عمل في هذه الدنيا.

عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، كلها مشكلات نشأت بفعل التغافل أو الجهل بأهداف المضيف الأساسية و الحالية ، و ذلك لأن هذه الأركان أدت دورًا لا يوصلها لذات الغاية التي من المفترض أن تصل لها ، كيف ؟

المضيف كهدف لم يكون ليزعج الأهالي ، فإزعاج الأهالي لا يتماشى و هدفه. المضيف لم يكن ليسمم أحدًا بطعام أو شراب ، فحدوث ذلك لا يتماشى و أهداف المضيف ! و قس على ذلك بقية المشكلات التي تمكنت من ذكرها أو لا ، و هنا نستطيع التوصل إلى أن للمضائف أهداف قامت من أجلها و جهل العاملين بها أو الطرف الآخر -المحايد أو المعارض- يخلق مشكلات لا ينبغي لها أن تكون موجودة ، فلو أمعنا النظر في كل مشكلة نجد إنها تناقض أحد تلك الأهداف و عدم نقضها لتلك الأهداف لا تجعل منها مشكلة ، و بالتالي نستطيع حصر المشكلة في دائرة تسمى "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية".

و بحصر المشكلة سيكون قد خطونا أول خطوة لحل تلك المتاعب الشائكة الملتفة حول المضائف و التي تتمثل بعنوان  "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" و هي المولد الأساسي لأي مشكلة في هذا الجانب. و لنتمكن من حل المشكلة علينا الوقوف على تللك الأهداف و دراستها.
 و بعد حرصنا المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم إتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! فلنواصل اذًا في إيجاد حل لهذه المشكلات  و لنخطو خطوات الحل .. 

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلا التعّرف على هذه الأهداف، سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت إنه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما إذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءً من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم، و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا إقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و إحياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب إحياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف إحياء ذكر أهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن أن تعترض هذه المضائف و اختيار الأنسب مما بينها للتطبيق ، و بعد أن عرّفنا الأهداف المضيفية التي بإنعدام وجودها أو الجهل بها تُختلق المشكلات المؤثرة على المضيف ، و تبعًا للطريقة التي نعتمدها في اسلوب حل المشكلات بقت علينا آخر خطوتين و هي افتراض الحلول و اختيار الانسب للتطبيق ، فلنخطوها ..

الطريقة لحل المشكلة هي التعريف بهذه الأهداف و هذا ما اتفقنا عليه مسبقًا ، لذلك فإن حل هذه القضية سيكمن بطريقة نشر تلك الأهداف و توعية الآخرين بها. و هنا نقف عند عدة طرق ، فالجماعات ممكن لها أن تقوم بتوعية الناس ، كما ان الأفراد يمكنهم فعل أيضًا ، ناهيك عن كون المضيفات في وسائل الاتصال و غيرها من الممكن أن تنشر هذه الاهداف و تدعوا للعمل بها من قبل طاقمها المضيفي او حتى الآخرين ، لكن ثمة فكرة أخيرة لم تكن موجودة مسبقًا لربما ، هي وجود لجنة للمضيف كما هو الحال للجان العزاء و الثقافة و غيرها في الجمعيات الحسينية.

إن أفضل الحلول هو وجود لجنة للمضيف ، لماذا ؟ و ما هي طريقة عملها ؟ و هيكلتها ؟
لجنة مضيفية تضم فردًا واحدًا من كل مضيف في القرية ، و يكون عملها قائم على مراقبة عمل المضيفات و التنسيق في ما بينها ، بالإضافة لجعل العاملين بالمضيف يؤدون أعمالهم بما يتماشى و أهداف المضائف ، فضلًا عن كونها مرجع للمشكلات المتعلقة بالمضائف ، و ذلك لضمان جودة العمل و تحصين فكرة المضيف و أهدافه في إيطار الخدمة الحسينية ، بهذا الشكل سيكون للجنة مكانة عند كل الأفراد و المضيفات يسمح لها بنشر المنشورات التوعوية و التي تحد من المشكلات المضيفية ، كما يسمح لها بتوجيه العمل المضيفي و توزيع المضائف على مستوى القرية بأكملها ، و بوجود لجنة للمضيف ستقل عدد المشكلات و قد تتلاشى مع مرور الوقت.

إشكالات قد نراها صعبة و لكنها بسيطة جدًا ان ما كانت هناك لجنة -هذا الدليل على كون فكرة اللجنة هي الأنسب- ..
•"خمسين الف مضيف في الديرة ، مي حالة دي !!" 
حسنًا لنرى ، إن كانت هناك لجنة توزع هذه المضيفات على القرية بأكملها ستقل لدينا ظاهرة خمسة مضائف في بقعة واحدة أو ٥٠ مضيف في قرية واحدة صحيح ؟ فهذه اللجنة ممكن ان تنسق حتى مع اصحاب المضيفات الجديدة و القديمة لضبط عدد المضيفات في القرية.

•"بنات واجد يجون عند المضيف و خلط ، بالله عليك هي حالة اسلام ؟؟!"
لا بأس ، هذه مشكلة بسيطة و لا صعوبة فيها ، نستطيع حلها بدون الحاجة للجنة اساسًا ؛ هناك ثلاث جهات للتوزيع في اغلب المضائف ، فإن جعلنا جهة للنساء و اثنتين للرجال سننهي هذه المشكلة ! و دور اللجنة هنا وضع منشورات توعوية و ارشاد الافراد لذلك و جعل اصحاب المضائف حريصين على عدم حدوث هذه المشكلة.

•"القاري يقرا و برة سوالف و المضيف مو مخلنا نتسمع !"
هناك حلين ، الاول تنسيق بين المضيف و المأتم يضمن عدم حدوث ذلك وقت القراءة و ذلك من خلال التحكم في وقت فتح و اغلاق المضيف. الثاني و هو من مهام اللجنة ؛ حيث تختار اللجنة مكان افضل لهذا المضيف من مجاورته للمأتم لعدم ازعاج الخطيب أو المستمعين ، كما تنشر اللجنة ما يبين أهمية المجالس الحسينية و ضرورة الاستماع لها و عدم ازعاجها بأي شكل من الأشكال.

•"يخلون المواتم و العزيات و بس يروحون هالمضيفات ، وش فايدتها خل يقفلونها..!"
ألا ترون أن في ذلك فائدة للمضيف ؟ و هذا شيء ايجابي لا سلبي ؟ حسنًا سأوضح لإني أعلم أن البعض لم يفهم ما أود قوله .. الشاب علي سامي شاب لا يحب الذهاب للمآتم و لا يحب المشاركة في المواكب ، البيئة التي عاش فيها لم تربيه على ذلك و بعد تعرفه على أصدقاء لديهم مضيف صار يرتاد على هذا المضيف معهم و يخدم الحسين كما يفعل أصدقاؤه ، نموذج علي هذا ألا يُعّبر عن المضيف فيه طريق للحسين ؟ ألا يعبر عن علي إنه بدأ يفقه ما هو الحسين و ماهي الخدمة و ما وما من خلال المضيف ؟! إذًا فالمضيف لا يبعد الناس عن الحسين بل يقربهم منه و لكن بطريقة مختلفة عن المآتم و المواكب ، بالإضافة لذلك يمكن لأصحاب علي اصطحابه للمأتم و للموكب مرة تلوى الأخرى حتى يحب الارتياد لها كما أحب الارتياد للمضيف ، و يمكننا القول إن بإمكان المضيف أن يكون طريق الشاب الغير واعي للوعي ، و ليس الطريق الوحيد كما إنه أحد الطرق للصعود لسفينة أبي عبدالله الحسين (ع). نحتاج لتوجيه هذه الجماعات باللين و الكلمة الطيبة الجميلة التي تحببهم في المآتم و المواكب الحسينية لا اقفال المضيف و اجبارهم على الذهاب للمآتم و المواكب ، لن يستجيبوا حينها ! 

هذه و غيرها من الإشكالات التي نستطيع حلها بطول البال و التفكير في حلول تعالج المشكلات لا اقتلاع المضيف ! و اللجنة خير و سيلة و جهة قادرة على فعل ذلك ، سيبقى الآن على الجهات المعنية اخذ الموضوع بعين الإعتبار و التفكير في هذه الفكرة لحل هذه القضية الشبة شائكة.

كل ما عرضته هو وجهة نظري و قراءتي للموضوع كما انقل ذلك كوني انتمي لأحد هذه المضيفات و أعمل لخدمة المولى و لا أريد التوقف عن ذلك و لا أريد لمضيفي أن يُغلق بسبب ممارسات من البعض تحسب على المضائف كلها ، و أنا ناقص علم و هذا حد اطلاعي ، فكل من لديه حل أكثر واقعية من ذووي الشأن فليطرحه و لنعرضه للتجربة و لنجد معًا حلًا نافعًا يميت تلك المشكلات و تقضي عليها نهائيًا .. و لا يظن أحد إنني أبرر بعض التصرفات و اوصفها بالصحة ، الخطأ خطأ و يجب تصحيحه و تصحيحه لا بالتأجيج و الضدية بل بالرواق و الهدوء و الحلم و لنضع في بالنا تلك العبارة القائلة :لكل داء دواء.

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (4) - جزء افتراض الحلول و تطبيقها"



عرّفنا في المقال السابق الأهداف المضيفية التي بإنعدام وجودها أو الجهل بها تُختلق المشكلات المؤثرة على المضيف ، و تبعًا للطريقة التي نعتمدها في اسلوب حل المشكلات بقت علينا آخر خطوتين و هي افتراض الحلول و اختيار الانسب للتطبيق ، فلنخطوها ..

الطريقة لحل المشكلة هي التعريف بهذه الأهداف و هذا ما اتفقنا عليه مسبقًا ، لذلك فإن حل هذه القضية سيكمن بطريقة نشر تلك الأهداف و توعية الآخرين بها. و هنا نقف عند عدة طرق ، فالجماعات ممكن لها أن تقوم بتوعية الناس ، كما ان الأفراد يمكنهم فعل أيضًا ، ناهيك عن كون المضيفات في وسائل الاتصال و غيرها من الممكن أن تنشر هذه الاهداف و تدعوا للعمل بها من قبل طاقمها المضيفي او حتى الآخرين ، لكن ثمة فكرة أخيرة لم تكن موجودة مسبقًا لربما ، هي وجود لجنة للمضيف كما هو الحال للجان العزاء و الثقافة و غيرها في الجمعيات الحسينية.

إن أفضل الحلول هو وجود لجنة للمضيف ، لماذا ؟ و ما هي طريقة عملها ؟ و هيكلتها ؟
لجنة مضيفية تضم فردًا واحدًا من كل مضيف في القرية ، و يكون عملها قائم على مراقبة عمل المضيفات و التنسيق في ما بينها ، بالإضافة لجعل العاملين بالمضيف يؤدون أعمالهم بما يتماشى و أهداف المضائف ، فضلًا عن كونها مرجع للمشكلات المتعلقة بالمضائف ، و ذلك لضمان جودة العمل و تحصين فكرة المضيف و أهدافه في إيطار الخدمة الحسينية ، بهذا الشكل سيكون للجنة مكانة عند كل الأفراد و المضيفات يسمح لها بنشر المنشورات التوعوية و التي تحد من المشكلات المضيفية ، كما يسمح لها بتوجيه العمل المضيفي و توزيع المضائف على مستوى القرية بأكملها ، و بوجود لجنة للمضيف ستقل عدد المشكلات و قد تتلاشى مع مرور الوقت.

إشكالات قد نراها صعبة و لكنها بسيطة جدًا ان ما كانت هناك لجنة -هذا الدليل على كون فكرة اللجنة هي الأنسب- ..
•"خمسين الف مضيف في الديرة ، مي حالة دي !!" 
حسنًا لنرى ، إن كانت هناك لجنة توزع هذه المضيفات على القرية بأكملها ستقل لدينا ظاهرة خمسة مضائف في بقعة واحدة أو ٥٠ مضيف في قرية واحدة صحيح ؟ فهذه اللجنة ممكن ان تنسق حتى مع اصحاب المضيفات الجديدة و القديمة لضبط عدد المضيفات في القرية.

•"بنات واجد يجون عند المضيف و خلط ، بالله عليك هي حالة اسلام ؟؟!"
لا بأس ، هذه مشكلة بسيطة و لا صعوبة فيها ، نستطيع حلها بدون الحاجة للجنة اساسًا ؛ هناك ثلاث جهات للتوزيع في اغلب المضائف ، فإن جعلنا جهة للنساء و اثنتين للرجال سننهي هذه المشكلة ! و دور اللجنة هنا وضع منشورات توعوية و ارشاد الافراد لذلك و جعل اصحاب المضائف حريصين على عدم حدوث هذه المشكلة.

•"القاري يقرا و برة سوالف و المضيف مو مخلنا نتسمع !"
هناك حلين ، الاول تنسيق بين المضيف و المأتم يضمن عدم حدوث ذلك وقت القراءة و ذلك من خلال التحكم في وقت فتح و اغلاق المضيف. الثاني و هو من مهام اللجنة ؛ حيث تختار اللجنة مكان افضل لهذا المضيف من مجاورته للمأتم لعدم ازعاج الخطيب أو المستمعين ، كما تنشر اللجنة ما يبين أهمية المجالس الحسينية و ضرورة الاستماع لها و عدم ازعاجها بأي شكل من الأشكال.

•"يخلون المواتم و العزيات و بس يروحون هالمضيفات ، وش فايدتها خل يقفلونها..!"
ألا ترون أن في ذلك فائدة للمضيف ؟ و هذا شيء ايجابي لا سلبي ؟ حسنًا سأوضح لإني أعلم أن البعض لم يفهم ما أود قوله .. الشاب علي سامي شاب لا يحب الذهاب للمآتم و لا يحب المشاركة في المواكب ، البيئة التي عاش فيها لم تربيه على ذلك و بعد تعرفه على أصدقاء لديهم مضيف صار يرتاد على هذا المضيف معهم و يخدم الحسين كما يفعل أصدقاؤه ، نموذج علي هذا ألا يُعّبر عن المضيف فيه طريق للحسين ؟ ألا يعبر عن علي إنه بدأ يفقه ما هو الحسين و ماهي الخدمة و ما وما من خلال المضيف ؟! إذًا فالمضيف لا يبعد الناس عن الحسين بل يقربهم منه و لكن بطريقة مختلفة عن المآتم و المواكب ، بالإضافة لذلك يمكن لأصحاب علي اصطحابه للمأتم و للموكب مرة تلوى الأخرى حتى يحب الارتياد لها كما أحب الارتياد للمضيف ، و يمكننا القول إن بإمكان المضيف أن يكون طريق الشاب الغير واعي للوعي ، و ليس الطريق الوحيد كما إنه أحد الطرق للصعود لسفينة أبي عبدالله الحسين (ع). نحتاج لتوجيه هذه الجماعات باللين و الكلمة الطيبة الجميلة التي تحببهم في المآتم و المواكب الحسينية لا اقفال المضيف و اجبارهم على الذهاب للمآتم و المواكب ، لن يستجيبوا حينها ! 


هذه و غيرها من الإشكالات التي نستطيع حلها بطول البال و التفكير في حلول تعالج المشكلات لا اقتلاع المضيف ! و اللجنة خير و سيلة و جهة قادرة على فعل ذلك ، سيبقى الآن على الجهات المعنية اخذ الموضوع بعين الإعتبار و التفكير في هذه الفكرة لحل هذه القضية الشبة شائكة.

كل ما عرضته في هذه المقالات هو وجهة نظري و قراءتي للموضوع كما انقل ذلك كوني انتمي لأحد هذه المضيفات و أعمل لخدمة المولى و لا أريد التوقف عن ذلك و لا أريد لمضيفي أن يُغلق بسبب ممارسات من البعض تحسب على المضائف كلها ، و أنا ناقص علم و هذا حد اطلاعي ، فكل من لديه حل أكثر واقعية من ذووي الشأن فليطرحه و لنعرضه للتجربة و لنجد معًا حلًا نافعًا يميت تلك المشكلات و تقضي عليها نهائيًا .. و لا يظن أحد إنني أبرر بعض التصرفات و اوصفها بالصحة ، الخطأ خطأ و يجب تصحيحه و تصحيحه لا بالتأجيج و الضدية بل بالرواق و الهدوء و الحلم و لنضع في بالنا تلك العبارة القائلة :لكل داء دواء.

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"



حصرت في المقال السابق المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم اتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! و مواصلةً في ايجاد حل لهذه المشكلات  نخطوا خطوات الحل في هذا المقال بإذن الله ..

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلى التعّرف على هذه الأهداف. سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت انه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما اذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءًا من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم. و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا اقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و احياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب احياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف احياء ذكر اهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن ان تعترض هذه المضائف و اختيار الانسب مما بينها للتطبيق ، و هذا ما سنتناوله في المقال القادم ..

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"


حصرت في المقال السابق المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم إتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! و مواصلةً في إيجاد حل لهذه المشكلات  نخطو خطوات الحل في هذا المقال بإذن الله ..

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلا التعّرف على هذه الأهداف، سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت إنه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما إذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءً من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم، و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا إقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و إحياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب إحياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف إحياء ذكر أهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن أن تعترض هذه المضائف و اختيار الأنسب مما بينها للتطبيق ، و هذا ما سنتناوله في المقال القادم ..

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (2) - جزء حصر المشكلة"


تحدثت في المقال السابق عن كون المشاكل المتعلقة بالمضائف لا تتعلق بفكرة المضيف بل بـممارسات متعلقة بالأركان الأربعة المذكورة سابقًا ، و ذلك يعني أن الحل لا يكون إغلاق المضائف أو التخلص منها و إنما إيجاد طرق لتقويم تلك التصرفات و جعلها صحيحة فلا توجد مشكلة حينئذ.

و بالرجوع للمشكلات التي تم حصرها في المقال السابق نراها شبه متشعبة و كل مشكلة متعلقة بركن مختلف و قد لا يكون هناك رابط بين هذه و تلك ، و بإتباع أسلوب حل المشكلة المذكور سابقًا سنحتاج لعنوان أو مصطلح يشمل تلك المشكلات جميعها تحته فيكون جامعًا لهم ، و بالتالي سنكون قد حصرنا المشكلة في كلمة أو اثنتين -و هذه أولى طرق حل المشكلة-.
و قد نتمكن من إيجاد ذلك المصطلح إذا ما أيقنا أن كل ركن من تلك الأركان يؤدي عمل و وظيفة معينة كما له دور لإكمال صورة العمل المضيفي ، و إن كل ركن عامل هنا ثمة ما يحركه و هو"الهدف" ، فالهدف هو الغاية المرادة و النتيجة المنشودة من خلف كل عمل أو تحرك ، و ذلك لا يشمل الأركان الأربعة فقط بل كل عمل في هذه الدنيا.

عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، كلها مشكلات نشأت بفعل التغافل أو الجهل بأهداف المضيف الأساسية و الحالية ، و ذلك لأن هذه الأركان أدت دورًا لا يوصلها لذات الغاية التي من المفترض أن تصل لها ، وضح .. 

المضيف كهدف لم يكون ليزعج الأهالي ، فإزعاج الأهالي لا يتماشى و هدفه. المضيف لم يكن ليسمم أحدًا بطعام أو شراب ، فحدوث ذلك لا يتماشى و أهداف المضيف ! و قس على ذلك بقية المشكلات التي تمكنت من ذكرها أو لا ، و هنا نستطيع التوصل إلى أن للمضائف أهداف قامت من أجلها و جهل العاملين بها أو الطرف الآخر -المحايد أو المعارض- يخلق مشكلات لا ينبغي لها أن تكون موجودة ، فلو أمعنا النظر في كل مشكلة نجد إنها تناقض أحد تلك الأهداف و عدم نقضها لتلك الأهداف لا تجعل منها مشكلة ، و بالتالي نستطيع حصر المشكلة في دائرة تسمى "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية".

و بحصر المشكلة سيكون قد خطونا أول خطوة لحل تلك المتاعب الشائكة الملتفة حول المضائف و التي تتمثل بعنوان  "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" و هي المولد الأساسي لأي مشكلة في هذا الجانب.
و لنتمكن من حل المشكلة علينا الوقوف على تلك الأهداف و هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله ..

الاثنين، 9 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (4) - رسالة السجاد"



مرت علينا ذكرى استشهاد الإمام علي بن الحسين عليه السلام المستشهد في الخامس و العشرين من شهر محرم الحرام ، شهر الأحزان و المصائب.
و لا يخفى على الجميع بما اشتهر به هذا الإمام الذي تم تلقيبه بالسجاد و زين العابدين ، و نحن لهذا اليوم نقرأ تلك الأدعية و تلك المناجات و التي ندرجها في كتب أدعيتنا و برامج أجهزتنا ، فما رسالة الإمام العابد غير المباشرة ؟ و ما علاقتها بتلك الأدعية ؟

تلك الأدعية و المناجات تمثل الرسالة كاملة ، عنوانها و فحواها - فالعنوان واضح جدًا و هو الدعاء ، أما فحوى الرسالة فتحتاج لتأمل منّا قليلًا .. 
ألم تتوقفوا يومًا عن قراءة هذه الأدعية و بدأتم بالتفكير فيها و ما يقال فيها أتجدون ذلك يتفق و شخص الإمام ؟ كمثلاً  قوله عليه السلام في مناجاة التائبين "إلهي ألبَسَتني الخطايا ثَوبَ مَذَلَّتي" ! هو معصوم فكيف يخطأ ! عن أي خطايا يتحدث الإمام ؟! حسنًا إليكم المزيد في مناجاة الشاكين حين يقول "إلهي أشكو إلَيكَ عَدوَّا يُضِلُّني وَشَيطاناً يُغويني قَد مَلأ بالوَسواسِ صَدري وَأحاطَت هَواجِسُهُ بِقَلبي" !! سيدي و مولاي يا زين العابدين مالذي تقوله ؟! بأبي أنت و أمي أنت يا سيدي صدرك مملوء بالإيمان فعن أي شيطان و هوى تتحدث ؟ 

الإمام ليس عاصٍ لله عز وجل و هو لم يعصه طرفة عين ، و لكن الإمام و رغم كونه إمام و معصوم عن الخطأ -له عصمة مطلقة و هو يعلم بذلك- يخاف الله كأنه عاصٍ له و يخاطبه بلسان المخطأ الذي ملأته المعاصي من رأسه لقدميه ، و مناجاة الخائفين تمتلك ما يدعم ذلك و ذلك حين يقول عليه السلام "إلهي أجِرني مِن أليمِ غَضَبِكَ وَعَظيمِ سَخَطِكَ".
و هنا تكمن فحوى هذه الرسالة أعزائي ، أجل إن فحوى هذه الرسالة تتحدث عن أسلوب الدعاء و لسان مخاطبة الله عز وجل ؛ فالأئمة الأطهار و منهم الإمام زين العابدين يمتلكون تلك الميزة التي لا تمتلكها ألسنتنا ، و لذلك فإن الأدعية المأثورة و المنقولة عن الأئمة الأطهار أنفع ؛ لكونها تحاكي الله بأسلوب يليق به كـرب ، لأنهم يعرفون كيف يخاطبون الله.

كما نتأمل في القرآن فلنتأمل في هذه الأدعية ، فهي سلاحنا في هذا الزمن و ما أشبه حال إمامنا بحالنا ، و ما قاساه من ألم و عذاب بلوعة فقد أبيه الحسين عليهما السلام ، و نحن بواقع الحال نحتاج إلى مثل هذه الأدعية لنتقرب لله أكثر و أكثر أيضًا كما نحتاجها لنزيد حبًا فيه و نخاطبه بلسان العارفين به.
فهذه هي رسالة الإمام غير المباشرة بعنوان الدعاء ، و بفحوى أن هناك لسان نخاطب به الله عز وجل هو لسان الخائف المخطئ التائب الراجي من الله العفو و المغفرة الذاكر للمعاصي لا العبادات ، و كما نعلم جميعًا أن سلاح المؤمن هو الدعاء.

الأحد، 1 نوفمبر 2015

"الشعب الصيني في سطور .."


عند حديثنا عن كل بلد في هذا العالم لابد لنا أن نتوقف عند محطة شعب هذا البلد ، فالشعب هو المرآءة التي يُكسب البلد سمعته و هو الموتور المتحرك الخادم في مختلف أوساطه ، و من بين جميع بقاع العالم أختار بلدة الصين -التي أدرس بأحد جامعاتها- للتحدث عن شعبها و أطرح مواقف متنوعة عنهم .. 

بعد سنتين من حياتي في هذا البلد و بين مختلف أطيافه أستطيع القول إن الشعب الصيني شعب محترم و خلوق و يحب الإلتزام كثيرًا ، و ذلك لا ينفي وجود صفات سلبية و أحيانًا مزعجة فيه ! حسنًا لن أسرق من حديثي حلاوته ، سأخذكم في جولة مع ذووي العيون الغريبة -المسموتة- لنكتشف بعضًا من تلك الصفات .. 

كان وقتًا متأخرًا و كنت عائدًا من أحد المحلات التجارية حاملًا من الأمتعة ما يؤلم ظهري ، أسير لخطوات و من ثمة أتوقف ، كنت انتظر رؤيتي لبحريني يمر و يسألني إن كنت بحاجة لمساعدة ، لن أقول "لا شكرًا" هذه المرة ، فأنا احتاج فعلًا ! وقفت امرأة بيدها طفلًا و يبدوا إنهما عائدان لمنزلهما ، بينما كانا مارين تساقطت أمتعتي على الأرض ، سارعت هي و ابنها لإلتقاطهما و من ثمة ساعدوني حتى عبرت الشارع ، كان طريق منزلهما مختلف عن طريق العودة للجامعة -مشكلة صحيح ؟- ، حسنًا شكرًا جزيلًا ، اذهبا و سأتابع طريقي حاملًا هذه الأمتعة بمفردي ، لم امكث كثيرًا حتى رمقني أحد المارة و جاء مسرعًا فساعدني في حمل الأغراض حتى بلغت غرفتي في مبنى الطلبة الأجانب في الطابق الثالث -مافي لفت في المبنى مالنا!- كان عملًا مذهلًا ! شكرًا له.

هم يخدمون بشكل كبير ، و يساعدون الغير حتى و إن لم يكن صينيًا ، لكن عقلهم قد يكون مختلفًا عن البقية أحيانًا ! كيف ؟ فليجبك هذا المثال ، تخيل إن عندك ثلاث مناطق : شرقية جنوبية و غربية ، إن كنت في المنطقة الشرقية و لديك طريق يمر بالمنطقة الجنوبية ثم يذهب للغربية و طريق آخر مختصر يأخذك من الشرقية للغربية مباشرة دون الحاجة للمرور بالمنطقة الجنوبية ، أي الطريقين تختار ؟ لا داعي للإجابة نحن نعلم الإجابة لكن الشعب الصيني له إجابة مختلفة في ذلك ، فلا تستغرب إن عبروا الطريق المار بالمنطقة الجنوبية ! إنهم كذلك ، معقدون في التفكير أحيانًا .. و مما يجعلهم معقدين في نظرنا كذلك التزامهم بالأنظمة و القوانين و حرصهم على تنفيذها خصوصًا تلك المتعلقة بالعمل.

و مما يميز الشعب الصيني ، طيبته و شفافيته التي تعتقد من خلالها إنهم مغفلون أحيانًا. تعجبني شفافيتهم ، تراهم صادقين في كل شيء متعلق بأمورهم الحياتية و الفكرية ، إلا أمر واحدًا ، فهم يحبون المال كثيرًا ! أجل كثيرًا كثيرًا ، و لا مانع عندهم أن يكذبوا عليك إن رأووك أجنبيًا .. فقط عليك أن تعرف قيمة العملة الصيني (اليوان الصيني) و لن تواجهك مشكلة في ذلك ، و إن أردنا أن نقارن حبهم للمال بحب آخر يفوقه فهو حبهم لآبائهم الذي و بكل صراحة يفوق حب الكثيرين من أبناء بلدي ، يبرون بآبائهم و آباء آبائهم بشكل واسع ، و ذلك قد يعود للمنزل الذي يحوي العائلة جميعًا و أيضًا للقانون الذي بدأ يقصّر عدد أفراد الأسرة.

الرياضة ؟ هم أبطال في الأولمبيات ، ولا اعتقد أن أحد يجهل مهارتهم في رياضة تنس الطاولة ، يمتازون برياضاتهم الصباحية و المسائية ؛ فالشباب و الشيوخ يركضون حول الملعب ، و المتقدمات في السن مع الشابات يقومون برقصة غريبة جدًا تراها في وقت المساء غالبًا ، و أكثر ما يزعجنا في ذلك تلك الأغاني التي يسمعها المتقدمون في السن ، اظن إنها أمرأة فاقت الثمانين و تحاول أن تغني بنمط الأوبرا ! -توقفي صوتك مقزز-
و كون الصين بلدًا شيوعيًا فلا ديانة محددة فيه ، و مع تواجد مسلمين إلا أن نسبة البوذيين و بقية الديانات ليست قليلة أيضًا ، و بشكل عام هم يحترمون كل المعتقدات و الديانات و لا يتعاملون مع هذا و ذاك بناءً على الدين أو المذهب ، بل و يحترمون أكثر الملتزم بدينه ، لحظة نسيت أن أقول شيئًا ! هم فضوليين جدًا ؛ فمن الطبيعي أن تراهم يحدقون بشاشة هاتفك أثناء استخدامك له ، لا تغضب فهم لا يجيدون العربية -هههه فضول بس !-

الخميس، 29 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (1) - جزء المشكلة"


بدايةً و نظرًا لتشعب الموضوع ، سيتم تناول الموضوع في عدة مقالات ، يتناول البعض منها مشكلة المضائف و الآخر طرق حل المشكلة.
 المضيف -بضم الميم أو فتحها- يعني مكان اجتمعت فيه ثلة من خدمة الحسين من أجل خدمته و توزيع بركات أهل البيت عليهم السلام ، و انتشرت في الآونة الأخيرة المضائف في مختلف المناطق و بين الأحياء ، فأصبحنا نرى بين المضيف و الآخر مسافات بسيطة قد تقدر حتى بالخطوات ! فهل فكرة المضيف خاطئة ؟ و هل انتشار المضائف ظاهرة خاطئة ؟ و ان لم تكن كذلك فما المشكلة من وجود هذه المضائف ؟ 

من خلال أسلوب حل المشكلة القائم على تحديد و حصر المشكلة ، فرض حلول منطقية لها و تجريب الحلول و اختيار الأنسب علينا تحديد المشكلة المتعلقة بالمضائف أولًا و من ثمة الذهاب لجزء الحل ..
أين المشكلة ؟ هذا السؤال الذي نحتاج للإجابة عليه حول هذا الموضوع الذي بدأ يشغل أذهان البعض و يسبب نوع من الحساسية للبعض الآخر ، هل المشكلة الآن في فكرة المضيف من الأساس على أنها خاطئة و يجب الوقوف ضدها أم هي مشكلة أخرى لا تمس الفكرة ؟ 
الإجابة تختبأ في الهدف من إقامة المضائف ، و مما لا شك فيه إن هدف المضيف هو التجمع من أجل الحسين وخدمته و هو بحذ ذاته احياء لذكر الحسين و أهل البيت عليهم السلام ؛ فهل احياء ذكرهم مقتصر فقط على حضور المآتم و المشاركة في مواكب العزاء ؟ هل الشخص المقدم للبركة في المضيف لا يحيي ذكر الحسين بهذا العمل ؟! 
فهل يعتبر بذلك مؤذي للطائفة ، للمذهب و للشيعة ؟! هل يوجد عقل يجيب بـ"نعم" ؟ لا يوجد ! فلا خطر على المذهب و على شيعة الحسين من هذه المضائف و بالتالي فوجود المضائف ليست المشكلة.

و كون المشكلة هي من نوع آخر -ليست فكرة وجوده يعني- فعلينا سؤال أنفسنا ، ما المشكلة إذًا ؟ إن استطعنا تصور بيئة المضيف و التعرف على مكونات هذه البيئة قد نتوصل لمناطقة المشكلة في هذه القضية ، و بالعودة لتعريف المضيف المذكور في البداية نستنتج أن للمضيف أربع أركان رئيسية و هي : الشخوص ، الزمان ، المكان و البركة الموزعة ، و هي أقطاب جذب المشاكل و افتعالها ؛ فكل مضيف تتواجد فيه هذه العناصر و لا وجود لمضيف في منطقة أو أخرى لا توجد فيه هذه العناصر الأربع.
و من هذا المنطلق و لحصر المشكلة علينا دراسة كل ركن و المشاكل الممكن حدوثها :-

1- الشخوص : و هم الأفراد العاملون في المضيف ، القائمون على تأسيسه و إدارته ، و لا وجود لأية مشكلة مترتبة على مشاركة شخوص معينة في العمل المضيفي.

2- البركة الموزعة : و هو الطعام ، الشراب ، النذورات و غيرها المعطاة في المضائف و إن كانت هناك مشكلة تمس هذا الجانب فهو جودة الطعام و مدى التزامه بالمعايير الصحية مثل عدم الالتزام بفترة صلاحية بعض الأطعمة ، أو عدم تنظيفها جيدًا -كالفواكه-.

3- الزمان : و هي الفترة الزمنية المفترض فتح المضائف فيها ، و كما نعلم جميعًا فإن فترة فتح المضائف تكون في ليالي و أيام الوفايات أو المواليد المنسوبة لأهل البيت فقط ، و لا مشكلة في ذلك. و قد تتسبب الفترة التي يبقى لها المضيف مفتوحًا مشكلة للبعض -كبقاء المضيف مفتوحًا لما بعد منتصف الليل.

4- المكان : و هو المكان الذي ينصب فيه المضيف ، و قد تكون أغلب المشاكل المعنية و المنسوبة للمضائف متعلقة بهذا الجانب و لذلك علينا التوقف عند هذه النقطة و دراستها بشكل أدق قليلًا .. 

مما لا يخفى على أحد منكم ، إن أماكن توزع المضائف ثلاث : طريق سير العزاء ، المأتم و الأحياء السكنية. فمنطقة سير العزاء جدًا مهم و ذلك يصب في مصلحة العزاء و المعزين قبل كل شيء ؛ فالموكب يحتاج لهذه المضائف حول جانبيه. و أما المآتم فوجود المضائف عندها قد يعينها أحيانًا و لكن قد يزعج الخطيب أو المتواجدون في المآتم -غالبًا- ، و ذلك لإرتفاع عدد المتواجدون عند المأتم و ارتفاع أصواتهم التي قد تعلوا على صوت الخطيب أحيانًا ! أما المنطقة الثالثة و هي الأحياء السكنية فلا مشكلة في تواجد مضائف ، و لتوضيح ذلك فلنفترض وجود منطقة (قرية / مدينة) مقسمة لثلاث مناطق ، جنوبية ، شرقية و غربية ، و العزاء يمر بالمنطقة الغربية و الشرقية فقط ، لعدم اتساع الوقت أو لطول المسافة ، فهل يعقل أن تنتشر المضائف في المنطقة الغربية و الشرقية فقط دون المنطقة الجنوبية من تلك القرية ؟! فضلًا عن كون ذلك عملًا مواسيًا للحسين و تحت شعار "احيوا أمرنا".

و بذلك نستطيع أن نحصر المشكلات في الآتي : عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، و بحصر المشكلات و تحديدها نستطيع الآن فرض الحلول المنطقية لكل مشكلة و اختيار الانسب للتطبيق من بينها ، و ذلك ما سأتناوله في المقال القادم المتحدث عن جزء الحل .. دمتم خدّام لأبي عبدالله الحسين (ع).

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (3) - الرسالة الجامعة"


تكملة لموضوع الرسائل العاشورية غير المباشرة ، و في ذات السياق نستعرض اليوم رسالة أخرى و هي الرسالة الجامعة التي أجمع عليها كل المعلمين و المعلمات في المدرسة العاشورية من حبيب و برير و عابس و جون و العباس و الأكبر و الحسين و زينب عليهم السلام و غيرهم ، فأضفى ذلك على هذه الرسالة أهمية خاصة و فريدة من نوعها جعلتها من أهم الدروس المعطاة في هذه المدرسة ، فما هو هذا الدرس و عنوان هذه الرسالة و فحواها ؟

يبدأ الحسين عليه السلام -هذا المعلم المبدع- بطرح الدرس في موقف مشهور له يوم العاشر من المحرم ليكتب بذلك عنوان الرسالة و أولى سطورها ، و ذلك حين قام عليه السلام بالتوقف عن القتال و البدء بالصلاة مع صحبه ، فلنتصور الموقف ، رماح ، سيوف ، نبال و خيول ، أعداء لا يمتلكون من الإيمان مقدار ذرة و عندهم ذبحه يعادل وزنهم من الذهب ، فكيف يقف سيدي و مولاي أبا عبدالله بينهم يصلي بكل خشوع و هدوء غير آبه بجمعهم و خطورتهم عليه ، غير خائف من الموت - أي رسالة يحمل هذا التصرف ؟ أي أهمية لما يقوم به الإمام المعصوم ؟

عنوان هذه الرسالة الصلاة أجل هذا ما يدل عليه تصرف المعصوم ، و أولى سطور فحواها ، شيعتي حافظوا على الصلاة التي مت أنا في سبيل المحافظة عليها و بذلت كل ما أملك لإبقاءها محفوظة من التحريف الأموي و أدوها في وقتها ، و نحن نشهد بذلك و ذلك حين نقرأ زيارته عليه السلام و نقول "أشد أنك قد أقمت الصلاة" ، و ذلك ما دعى له المعصومين أيضًا حيث قال أحدهم "لا تنال شفاعتنا مستخف بصلاته"-بهذا المعنى- ، و الاستخفاف بالصلاة ليس فقط عدم أداءها بل أيضًا تأخيرها بدون سبب مقنع ، و للأسف الكثير من الأحبة يقعون في هذه الإشكالية ! يبقى السؤال الجوهري هنا "كيف أحافظ على صلاتي ، أصليها بوقتها -لا أكون مستخف بالصلاة-" ؟ الجواب بسيط جدًا و لكن تنفيذه هو الصعب ! الجواب هو حب  الصلاة و التلذذ في أداءها.

أبا عبدالله ، يصعب علينا الوصول لهذه المراتب العالية نحن العاديون ألديك طريقة تبسط الصعب فتحببنا للصلاة ؟ يجيب أبو عبدالله عن هذا السؤال بلسان أنصاره و أهل بيته ، ليشاركوا و يدعموا على هذه الرسالة فيخطون بجوابهم بقايا الرسالة مؤكدين على ما خطه الحسين عليه السلام في السطور الأولى ، و ذلك حين قاموا جميعًا الليل في ليلة العاشر من المحرم و قضوها بتأدية العبادات من صلاة و قراءة أدعية و قرآن ، فهذه هي الطريقة التي تخلق في النفس و تغرس فيها حب الصلاة و الإنجذاب لها ، كما تجعل الشخص يبادر لها في وقتها ، فهو الوقت الذي جعله الله عز وجل لعباده الملبين لنداءه بتأديتها.

رغم وجود جواب لتساؤلنا حول كيفية محبتنا للصلاة ، يبقى أحد العناصر غائب عنا و سؤال آخر يُطرح هنا ، أبا عبدالله سيدي و مولاي نحن اليوم تشغلنا الأشغال و الوظائف ، فمنها ما يبدأ منذ الصباح و حتى المساء و لا نجد غير هذا الوقت لإراحة أنفسنا ، عقولنا و أجسادنا ، أفليس سبيل لقيام الليل أبسط من ذلك ؟! الحسين يعلم بهذا السؤال فأجابكم على لسان عقيلة الطالبيين و كعبة الأحزان أم المصائب زينب بن علي عليهما السلام حين صلت صلاة الليلة في تلك الليلة الموحشة رغم كل ما كان بها من آلام و جروح ، و قد صلتها جلوسًا ، فذا أعظم موقف و أشد مصاب في تاريخ البشرية و زينب ما زالت محافظة على قيام الليل لأنها تربية علي و فاطمة و هي تربينا و تخط السطور الأخيرة لهذه الرسالة بعبارة "أدركوا الثلث الأخير من الليل ، شيعتي حافظوا على هذه الصلاة لأنها السبيل لتحببكم في الصلوات الواجبة".

و بذلك تكتمل عندنا الرسالة من العنوان و حتى السطور الأخيرة فتكون هذه الرسالة غير المباشرة واضحة ، و هذه ليست الوصية الوحيدة لآل بيت محمد في الصلاة فقد أوصى أمير المؤمنين قبلًا بها فقال "هالله هالله في الصلاة فإنها عمود دينكم...".
و نحن اليوم نعاني من عدم التزام و استخفاف بها بعلم أو بدون علم ، فما أقبح ما نفعل ، كلنا نعلم الحديث القائل "الصلاة إن قبلت قبل ما سواها ، و إن ردت رد ما سواها" ، و نحن عندنا الطريقة لتقوية علاقتنا بها و المواضبة عليها من خلال رسالة الحسين و أهل بيته و صحبه ، و هي الرسالة الجامعة ، فما اعظمهم من مدرسين و ما أعظمها من مدرسة و ما أعظمها من رسالة ..

صلاتنا عمود ديننا .. سبب تضحية حسيننا .. منبع توفيقنا .. تعلمنا الدرس .. فلنطبق ..

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية الغير مباشرة (٢) - رسالة العباس"

نعزيكم بذكرى استشهاد باب الحوائج و كفيل أم المصائب ، عضيد أبي عبدالله العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، و نحاول تطبيق الدروس المتعلمة من هذا المعلم الجليل الذي أعطى أقيم الدروس في يوم عاشوراء -أو ما قبل-.

قام العباس (ع) بالكثير من المواقف الملهمة للدروس ، فلا بد ان نلتفت لها و نضعها تحت المجهر للتأمل و التفكر فيها ..
أولى تلك المواقف هي موقفه عليه السلام الذي كان حين جاء شمر و الأعداء منادين إياه لإعطاءه الأمان ، وذلك بشرط أن يترك الحسين و يذهب فالحسين عندهم لا أمان له ، فكان رده تاريخي معبر إنه باق مع الحسين حتى الموت ، فطمأن قلب زينب و أم البنين و الباقين بهذا التصرف.

ثاني المواقف و التي تعتبر من أعظمها ، هي موقفه عليه السلام حين فرق القوم و نزل للمشرعة قاصدًا ملأ القربة ، و بعد اختلاط مشاعر العطش بحرارة الشمس و بُرد أدنى الماء من فمه لكنه القاه ولم يشرب ، لأنه تذكر عطش أخيه الحسين و قال لنفسه المقولة المشهورة له "يا نفس من بعد الحسين هوني ، و بعده لا كنت أو تكوني" ، و يشتد الأمر في موقفه الثالث حين امتنع عن شرب الماء بعد موته بعدما قَدِم له الإمام أمير المؤمنين و الرسول الأعظم محمد (ص) لسقيه -ما أخلصه-.

كل تلك المواقف و غيرها لها دلالات و تحمل رسائل غير مباشرة ، و لنستخلص أحد هذه الدلالات علينا معرفة من هو الحسين -الذي ضحى العباس له بكل شيء و قام بالكثير من المواقف لأجله- بالنسبة لأبي الفضل ، هو إمامه و سيده و مولاه و إمام زمانه قبل أن يكون أخيه في الحياة ، و هذا يفسر سبب مناداته للحسين طوال عمره سيدي و مولاي بدلًا من أخي ، فالحسين في نظر أبي الفضل إمام زمانه المفترض الطاعة ؛ فمواقفه المذكورة أعلاه و غيرها من المواقف المنسوبة له تدل على إخلاص هذا الرجل لإمام زمانه و هذه هي الرسالة التي أراد إيصالها العباس لنا.

نحن أيضًا لنا إمام زمان و هو غائب ، نحن مقصرون في حقه و ينقصنا الإخلاص له في تصرفاتنا و أقوالنا ، فيذكر عنه (عج) أنه قال في أحد خطبه "و لو أن أشياعنا -وفقهم الله لطاعته- على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا ، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكره و لا نؤثره منهم..." ، فلأي حد نؤذيه بتصرفاتنا هذه ؟

لنفتح صفحة جديدة مع الإمام صاحب العصر و الزمان (عج) نعاهده فيها أن نحاول قدر الإمكان ترك هذه التصرفات و الإخلاص له لأنه إمام زماننا وحجة الله علينا  ، إمام الزمان الذي كثُرت فيه النزاعات و التفرقات ، و زادت فيه الفتن و نحن بإذن الله المخلصون لك يا مولاي يبن الحسين ، مقتدين بعمك أبي الفضل العباس حتى ننال مثل ما ناله من رفعة في الدنيا و درجة عالية في الآخرة.

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - ويحكم توقفوا .. إلا عابس !"


من هو عابس ؟ هو عابس بن أبي شبيب الشاكري الذي استشهد في معركة الطف دفاعًا عن الإمام الحسين (ع) و أهل بيت النبوة و تلبية لدعوة أبي الشهداء ، كما هو صاحب الموقف الكربلائي المشهور و ذلك حين خلع درعه و خرج يقاتل القوم ، و حينما سئل قال "حب الحسين اجنني" ، و صار خير مثال يحتذى به في حب أبي عبدالله.

بين زمان و آخر و في سياق خدمة المولى خط بعض الشعراء و أنشد رواديد بقصائد تتضمن أبيات تقارن جنون عابس بجنونهم بالحسين (ع) ، و في هذا فهناك نوعين من الأبيات ، أبيات تشبه الجنون بجنون عابس و ضرب المثل به و أخرى تفّوق جنونهم على جنون عابس ، فالأول صحيح و لا يمس مقام سيدنا عابس ، أما الأخرى فللأسف تمس مقام هذا الرجل المقدس و غير مقبولة أبدًا أبدًا.

ألا بالإمكان أن يصل جنونا لجنون عابس ؟! و ألا نفوقه في جنونه ؟ إنه حلم صعب جدًا يا شيعة ! حلم صعب المنال ، أتعلمون لماذا ؟ لأن عابس ليس أنا و أنت و ليس هذا العالم و ذاك الفقيه ، هو أرفع منا درجة جميعًا ، فعابس أولًا مختار من الله لينصر الحسين و يستشهد في كربلاء ، و يخلد ذكره على مر السنين ، و ثانيًا عابس وجد في زمان و موقف ليس له بديل ! و لإيضاح الفكرة نستذكر هنا سؤال حبيب بن مظاهر الأسدي للإمام علي عليه السلام عن سبب عدم استشهاده معه رغم تمنيه للشهادة ، فكان جواب الإمام أن انتظر فلك يوم لا لك بديل و إن قتلت فليس هناك من يحل مكانك !

و من جهة أخرى -ثالثًا- الله عز و جل رفع مكانته و درجته و رفع ذكره و جعله مثال يحتذى به على مر الدهور في عشق أهل البيت و الذوبان فيهم ، فكيف لرجل يتميز بهذا كله أن نفوقه جنونًا بالحسين ؟! انه ليس فقط صعب بل مستحيل ! مهما بلغت بنا المواقف ، مهما تشابهت أيامنا بكربلاء و مهما بلغ حبنا لأبي عبدالله نبقى دونه ، نحن مجانين في الحسين في كل موقف و كل وقت و مكان هذا صحيح و لا غبار عليه و لكن للحب مرتبات و للجنون مراتب و مرتبة عابس مهما ارتفعنا في المراتب تبقى الأرفع.

جميل حينما نحاول و نتسابق لنكون كعابس في عشقه الحسيني ، و جميل حينما نضفي لمسات حرفية شعرية تجعل لقصائدنا لون آخر في لوحة الخدمة الحسينية ، و لكن ليس على حساب جنون عابس ، فلنقتدي به و لنجعله قدوة في هذا الطريق لنحشر مع محمد و آله في الآخرة .. دمتم في رعاية الحجة يا مجانين الحسين

الأحد، 18 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - اشتداد العشرة ، مصطلح خاطئ و لا يمثل الحسينيون"

مصطلح اشتداد العشرة مصطلح يطلقه بعض الشيعة على آخر أربع / خمس ليال من شهر محرم الحرام ، و هو مصطلح -للأسف- شائع في الأوساط الشيعية و الأفكار بين الشيعة ، و تستخدم لبيان الفترة التي تزيد مشاركة البعض ؛ ففي هذه الأيام يقوم البعض بحضور المآتم و البكاء على مصيبة الحسين و حضور المواكب بشكل مكثف ، و ما قبل هذه الليالي ؟ لا داعي لحضور المآتم و المشاركة في المواكب ؟  .. ما مدى صحة هذا الفعل ؟ و هل يمارسه الحسينيون ؟

ينقسم الآخذون بهذا المصطلح لقسمين ، ذوي أعذار و ليسوا ذوي أعذار ، أما ذوي الأعذار فهم من لديهم عذر معتبر لتغيبهم عن المشاركة في أولى الليالي من ليالي عاشوراء الحسين ، كالعمل أو الظروف الصحية الخطيرة و التي قد تشغلهم حتى طول فترة العشرة الحسينية. و ليسوا ذوي الأعذار هم من لديهم أعذار غير معتبرة للتغيب عن المشاركة في تلك الليالي السابق ذكرها ، فالصنف الأول معذور و لا يشملهم حديث هذا المقال ، أما الصنف الثاني فهم المقصودون و هم الفئة التي يستهدفها المقال ..

هذا السلوك خاطئ ، لماذا ؟ يقول حجة الله علينا إمام المتقين المعصوم المفترض الطاعة محمد الباقر عليه السلام "احيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا." ، من هم المقصودون بأمرنا ؟ لا وجود للشك بأنهم أهل بيت النبوة و معدن الرسالة ، أهل البيت (ع) ، من هم أهل البيت الذين آمرنا و حثنا الباقر على احياء أمرهم ؟! هل هم المعصومين فقط ؟ رسول الله محمد (ص) يجيب على هذا التساؤل حين يقول في حق سلمان المحمدي "سلمان منا أهل البيت..." و هذا سبب تسميتنا له بسلمان المحمدي بدلًا من تسميته الفارسي ، ذلك يعني أن أصحاب الحسين كلهم و بدون أدنى شك من أهل البيت.

طيلة فترة العشرة الحسينية ، يخصص الشيعة كل ليلة لنعي أحد المستشهدين في الطف كليلة سابع المخصوصة للعباس ، أو رابع المخصوصة لمسلم أو ثامن المخصوصة للقاسم و غيرها ، أو لبعض الوقائع أو المواقف كخروج الحسين من المدينة و عقد الرايات و غيرها .. و يأتي ذلك في سياق ضيق الوقت يوم العاشر و لتخصيص ليالي خاصة لشخوص معينة لهم مقام عند الله و رسوله اولًا و عند الحسين و أبيه و أخيه ثانيًا ، و عند الزهراء ثالثًا ، فكيف لا يكون لهم مقام بداخلنا نحن الشيعة ؟

كثيرون يتغيبون عن حضور المأتم ليلة الرابع ، ليلة مسلم بن عقيل بن أبي طالب و هو سفير الحسين و موضع ثقته ، ألا نستطيع تخصيص جزء من وقتنا لأحياء هذه الليلة و هذا اليوم ؟ ألا يستحق مسلم منا أحياء و حضور يليق بهذا البطل المضحي بنفسه في سبيل الله دفاعًا عن إمام زمانه الحسين ؟ كيف نرى وجه الباقر غدًا و نحن نحيي أمر البعض دون البعض ؟!

عزيزي الشيعي الغيور المحب للحسين ، لا وجود لما يسمونه باشتداد العشرة ، مصيبة الحسين مشتدة من يوم العاشر و منذ قبل آلف سنة و اكثر و لحد الآن .. لا تجعل مشاغلك الدنيوية مهما بلغت أهميتها أن تعيقك عن احياء هذه الليالي الحزينة بحجة مصطلح غبي -اشتداد العشرة- ! كن واعي فهذه العبارة لا تمسك أنت أيها الحسيني العاشوري ، هلموا للمواكب و للحسينيات ، هلموا لمواساة الزهراء ، هلموا لمواساة سيدي و مولاي المهدي بن الحسن (عج) ، يكفي أننا مقصرون بحقهم !

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية الغير مباشرة (1)"

عاشوراء مدرسة .. كلنا نسمع بهذه الجملة في مختلف المحافل و الكتب و المقالات ، و نرددها لأن كربلاء فعلًا مدرسة معلميها الحسين و أصحابه و أهل بيته ، و كلهم تفننوا في طرح الدروس ذات العبر المختلفة.
و نحن إذ نعيش أيام عاشوراء نستذكر تلك الدروس و نحاول جيدًا دراستها و الإستفادة منها ، فهي إن صحَّنا القول أحبال نجاة معلقة من السماء لنا.

أنت مدرس و لا تمتلك وقت كافٍ لإعطاء درس واحد و شرحه ، فما الطريقة لإعطاء أكثر من درس في وقت بسيط ؟! هذا السؤال اجاب عليه الحسين بن علي (ع) ، أهل بيته و أصحابه في كربلاء حين أعطوا الدروس الكثيرة و التي لا تنتهي ليومنا هذا في نصف يوم فقط ! و لم يكونوا يفعلوا ذلك إلا لإعتمادهم على أسلوب ذكي في اعطاء تلك الدروس ، حيث اعتمدوا على الرسائل كوسيلة لإعطاءها ، و لا نعني بالرسائل تلك المكتوبة ، لا بل القولية و الفعلية (المواقف) -و يمكن أن تترجم على أنها وصايا-.

الرسائل التي تحاكي العقل و تطرح التساؤلات النفسية و الفكرية هي الرسائل التي تجعل الإنسان يقتنع بفكرة معينة أو حتى يغير قناعته بمنطق ما ؛ فالحاجز العقلي هو الحاجز الصعب التجاوز لأنه حاجز تفكيري قائم على منطق معين و قناعات محددة ، و في حال تجاوزه لا وجود لما يعيق مخاطبة العقل و التأثير فيه مباشرةً ، تمامًا هذا هو أسلوب تلك الرسائل السابق ذكرها ، حيث أنها تعتمد على طرح تساؤلات تكسر هذا الحاجز و تسهل على الشخص استلام العبرة من الدروس التي هي بدورها تؤثر فيه و تغيره.

و الرسائل هذه تنقسم إلى قسمين ، مباشرة و غير مباشرة ، أما المباشرة فهي الرسائل التي جائت مخاطبة فئة معينة بحروف معينة كقول الحسين لشيعته "شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني..." أو قوله للسيدة الجليلة زينب "لا تَشُقِي علي جيبا..." ، و هذا النوع من الرسائل لا يحتاج للتفكير لاستنباط المعنى ، فالمعنى واضح و جلي. أما النوع الآخر فهي رسائل مجهولة الفئة و لم تذكر بالحرف و إنما تحتاج للتفكير لاستخراج الرسالة المرادة ، و هذا النوع يبين نقاط التمايز بين الذين يدرسون كربلاء من ناحية واحدة فقط أو من عدة نواحي ..

تعددت الرسائل الغير مباشرة حتى صارت أكثر من المباشرة يوم العاشر من المحرم - لماذا ؟ لكونه يرمز لأهمية تلك الرسائل و ضرورة الالتفات لها و التركيز عليها ، فالحسين جعلها مخفية العنوان و الفحوى ليفتح الباب على مصراعيه للاستنتاج و التفكير فيها ، و تزداد أهميتها أكثر عندما تخلق جو من التفكر في قضية الحسين و المواقف العاشورية ذات العبر المتعددة فضلًا عن كونها مكملات لذواتنا و مفتاح لحل الكثير من مشكلاتنا.
و لنا في سلسلة مقالات "سهام الوعي" لفتة لبعض تلك الرسائل إن شاء الله ..