الأحد، 15 نوفمبر 2015
"ضدية المضائف في ساحة المناقشة"
"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (4) - جزء افتراض الحلول و تطبيقها"
"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"
الجمعة، 13 نوفمبر 2015
"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"
الأربعاء، 11 نوفمبر 2015
"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (2) - جزء حصر المشكلة"
الاثنين، 9 نوفمبر 2015
"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (4) - رسالة السجاد"
الأحد، 1 نوفمبر 2015
"الشعب الصيني في سطور .."
الخميس، 29 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (1) - جزء المشكلة"
الجمعة، 23 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (3) - الرسالة الجامعة"
تكملة لموضوع الرسائل العاشورية غير المباشرة ، و في ذات السياق نستعرض اليوم رسالة أخرى و هي الرسالة الجامعة التي أجمع عليها كل المعلمين و المعلمات في المدرسة العاشورية من حبيب و برير و عابس و جون و العباس و الأكبر و الحسين و زينب عليهم السلام و غيرهم ، فأضفى ذلك على هذه الرسالة أهمية خاصة و فريدة من نوعها جعلتها من أهم الدروس المعطاة في هذه المدرسة ، فما هو هذا الدرس و عنوان هذه الرسالة و فحواها ؟
يبدأ الحسين عليه السلام -هذا المعلم المبدع- بطرح الدرس في موقف مشهور له يوم العاشر من المحرم ليكتب بذلك عنوان الرسالة و أولى سطورها ، و ذلك حين قام عليه السلام بالتوقف عن القتال و البدء بالصلاة مع صحبه ، فلنتصور الموقف ، رماح ، سيوف ، نبال و خيول ، أعداء لا يمتلكون من الإيمان مقدار ذرة و عندهم ذبحه يعادل وزنهم من الذهب ، فكيف يقف سيدي و مولاي أبا عبدالله بينهم يصلي بكل خشوع و هدوء غير آبه بجمعهم و خطورتهم عليه ، غير خائف من الموت - أي رسالة يحمل هذا التصرف ؟ أي أهمية لما يقوم به الإمام المعصوم ؟
عنوان هذه الرسالة الصلاة أجل هذا ما يدل عليه تصرف المعصوم ، و أولى سطور فحواها ، شيعتي حافظوا على الصلاة التي مت أنا في سبيل المحافظة عليها و بذلت كل ما أملك لإبقاءها محفوظة من التحريف الأموي و أدوها في وقتها ، و نحن نشهد بذلك و ذلك حين نقرأ زيارته عليه السلام و نقول "أشد أنك قد أقمت الصلاة" ، و ذلك ما دعى له المعصومين أيضًا حيث قال أحدهم "لا تنال شفاعتنا مستخف بصلاته"-بهذا المعنى- ، و الاستخفاف بالصلاة ليس فقط عدم أداءها بل أيضًا تأخيرها بدون سبب مقنع ، و للأسف الكثير من الأحبة يقعون في هذه الإشكالية ! يبقى السؤال الجوهري هنا "كيف أحافظ على صلاتي ، أصليها بوقتها -لا أكون مستخف بالصلاة-" ؟ الجواب بسيط جدًا و لكن تنفيذه هو الصعب ! الجواب هو حب الصلاة و التلذذ في أداءها.
أبا عبدالله ، يصعب علينا الوصول لهذه المراتب العالية نحن العاديون ألديك طريقة تبسط الصعب فتحببنا للصلاة ؟ يجيب أبو عبدالله عن هذا السؤال بلسان أنصاره و أهل بيته ، ليشاركوا و يدعموا على هذه الرسالة فيخطون بجوابهم بقايا الرسالة مؤكدين على ما خطه الحسين عليه السلام في السطور الأولى ، و ذلك حين قاموا جميعًا الليل في ليلة العاشر من المحرم و قضوها بتأدية العبادات من صلاة و قراءة أدعية و قرآن ، فهذه هي الطريقة التي تخلق في النفس و تغرس فيها حب الصلاة و الإنجذاب لها ، كما تجعل الشخص يبادر لها في وقتها ، فهو الوقت الذي جعله الله عز وجل لعباده الملبين لنداءه بتأديتها.
رغم وجود جواب لتساؤلنا حول كيفية محبتنا للصلاة ، يبقى أحد العناصر غائب عنا و سؤال آخر يُطرح هنا ، أبا عبدالله سيدي و مولاي نحن اليوم تشغلنا الأشغال و الوظائف ، فمنها ما يبدأ منذ الصباح و حتى المساء و لا نجد غير هذا الوقت لإراحة أنفسنا ، عقولنا و أجسادنا ، أفليس سبيل لقيام الليل أبسط من ذلك ؟! الحسين يعلم بهذا السؤال فأجابكم على لسان عقيلة الطالبيين و كعبة الأحزان أم المصائب زينب بن علي عليهما السلام حين صلت صلاة الليلة في تلك الليلة الموحشة رغم كل ما كان بها من آلام و جروح ، و قد صلتها جلوسًا ، فذا أعظم موقف و أشد مصاب في تاريخ البشرية و زينب ما زالت محافظة على قيام الليل لأنها تربية علي و فاطمة و هي تربينا و تخط السطور الأخيرة لهذه الرسالة بعبارة "أدركوا الثلث الأخير من الليل ، شيعتي حافظوا على هذه الصلاة لأنها السبيل لتحببكم في الصلوات الواجبة".
و بذلك تكتمل عندنا الرسالة من العنوان و حتى السطور الأخيرة فتكون هذه الرسالة غير المباشرة واضحة ، و هذه ليست الوصية الوحيدة لآل بيت محمد في الصلاة فقد أوصى أمير المؤمنين قبلًا بها فقال "هالله هالله في الصلاة فإنها عمود دينكم...".
و نحن اليوم نعاني من عدم التزام و استخفاف بها بعلم أو بدون علم ، فما أقبح ما نفعل ، كلنا نعلم الحديث القائل "الصلاة إن قبلت قبل ما سواها ، و إن ردت رد ما سواها" ، و نحن عندنا الطريقة لتقوية علاقتنا بها و المواضبة عليها من خلال رسالة الحسين و أهل بيته و صحبه ، و هي الرسالة الجامعة ، فما اعظمهم من مدرسين و ما أعظمها من مدرسة و ما أعظمها من رسالة ..
صلاتنا عمود ديننا .. سبب تضحية حسيننا .. منبع توفيقنا .. تعلمنا الدرس .. فلنطبق ..
الأربعاء، 21 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - الرسائل العاشورية الغير مباشرة (٢) - رسالة العباس"
نعزيكم بذكرى استشهاد باب الحوائج و كفيل أم المصائب ، عضيد أبي عبدالله العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، و نحاول تطبيق الدروس المتعلمة من هذا المعلم الجليل الذي أعطى أقيم الدروس في يوم عاشوراء -أو ما قبل-.
قام العباس (ع) بالكثير من المواقف الملهمة للدروس ، فلا بد ان نلتفت لها و نضعها تحت المجهر للتأمل و التفكر فيها ..
أولى تلك المواقف هي موقفه عليه السلام الذي كان حين جاء شمر و الأعداء منادين إياه لإعطاءه الأمان ، وذلك بشرط أن يترك الحسين و يذهب فالحسين عندهم لا أمان له ، فكان رده تاريخي معبر إنه باق مع الحسين حتى الموت ، فطمأن قلب زينب و أم البنين و الباقين بهذا التصرف.
ثاني المواقف و التي تعتبر من أعظمها ، هي موقفه عليه السلام حين فرق القوم و نزل للمشرعة قاصدًا ملأ القربة ، و بعد اختلاط مشاعر العطش بحرارة الشمس و بُرد أدنى الماء من فمه لكنه القاه ولم يشرب ، لأنه تذكر عطش أخيه الحسين و قال لنفسه المقولة المشهورة له "يا نفس من بعد الحسين هوني ، و بعده لا كنت أو تكوني" ، و يشتد الأمر في موقفه الثالث حين امتنع عن شرب الماء بعد موته بعدما قَدِم له الإمام أمير المؤمنين و الرسول الأعظم محمد (ص) لسقيه -ما أخلصه-.
كل تلك المواقف و غيرها لها دلالات و تحمل رسائل غير مباشرة ، و لنستخلص أحد هذه الدلالات علينا معرفة من هو الحسين -الذي ضحى العباس له بكل شيء و قام بالكثير من المواقف لأجله- بالنسبة لأبي الفضل ، هو إمامه و سيده و مولاه و إمام زمانه قبل أن يكون أخيه في الحياة ، و هذا يفسر سبب مناداته للحسين طوال عمره سيدي و مولاي بدلًا من أخي ، فالحسين في نظر أبي الفضل إمام زمانه المفترض الطاعة ؛ فمواقفه المذكورة أعلاه و غيرها من المواقف المنسوبة له تدل على إخلاص هذا الرجل لإمام زمانه و هذه هي الرسالة التي أراد إيصالها العباس لنا.
نحن أيضًا لنا إمام زمان و هو غائب ، نحن مقصرون في حقه و ينقصنا الإخلاص له في تصرفاتنا و أقوالنا ، فيذكر عنه (عج) أنه قال في أحد خطبه "و لو أن أشياعنا -وفقهم الله لطاعته- على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا ، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكره و لا نؤثره منهم..." ، فلأي حد نؤذيه بتصرفاتنا هذه ؟
لنفتح صفحة جديدة مع الإمام صاحب العصر و الزمان (عج) نعاهده فيها أن نحاول قدر الإمكان ترك هذه التصرفات و الإخلاص له لأنه إمام زماننا وحجة الله علينا ، إمام الزمان الذي كثُرت فيه النزاعات و التفرقات ، و زادت فيه الفتن و نحن بإذن الله المخلصون لك يا مولاي يبن الحسين ، مقتدين بعمك أبي الفضل العباس حتى ننال مثل ما ناله من رفعة في الدنيا و درجة عالية في الآخرة.
الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - ويحكم توقفوا .. إلا عابس !"
من هو عابس ؟ هو عابس بن أبي شبيب الشاكري الذي استشهد في معركة الطف دفاعًا عن الإمام الحسين (ع) و أهل بيت النبوة و تلبية لدعوة أبي الشهداء ، كما هو صاحب الموقف الكربلائي المشهور و ذلك حين خلع درعه و خرج يقاتل القوم ، و حينما سئل قال "حب الحسين اجنني" ، و صار خير مثال يحتذى به في حب أبي عبدالله.
بين زمان و آخر و في سياق خدمة المولى خط بعض الشعراء و أنشد رواديد بقصائد تتضمن أبيات تقارن جنون عابس بجنونهم بالحسين (ع) ، و في هذا فهناك نوعين من الأبيات ، أبيات تشبه الجنون بجنون عابس و ضرب المثل به و أخرى تفّوق جنونهم على جنون عابس ، فالأول صحيح و لا يمس مقام سيدنا عابس ، أما الأخرى فللأسف تمس مقام هذا الرجل المقدس و غير مقبولة أبدًا أبدًا.
ألا بالإمكان أن يصل جنونا لجنون عابس ؟! و ألا نفوقه في جنونه ؟ إنه حلم صعب جدًا يا شيعة ! حلم صعب المنال ، أتعلمون لماذا ؟ لأن عابس ليس أنا و أنت و ليس هذا العالم و ذاك الفقيه ، هو أرفع منا درجة جميعًا ، فعابس أولًا مختار من الله لينصر الحسين و يستشهد في كربلاء ، و يخلد ذكره على مر السنين ، و ثانيًا عابس وجد في زمان و موقف ليس له بديل ! و لإيضاح الفكرة نستذكر هنا سؤال حبيب بن مظاهر الأسدي للإمام علي عليه السلام عن سبب عدم استشهاده معه رغم تمنيه للشهادة ، فكان جواب الإمام أن انتظر فلك يوم لا لك بديل و إن قتلت فليس هناك من يحل مكانك !
و من جهة أخرى -ثالثًا- الله عز و جل رفع مكانته و درجته و رفع ذكره و جعله مثال يحتذى به على مر الدهور في عشق أهل البيت و الذوبان فيهم ، فكيف لرجل يتميز بهذا كله أن نفوقه جنونًا بالحسين ؟! انه ليس فقط صعب بل مستحيل ! مهما بلغت بنا المواقف ، مهما تشابهت أيامنا بكربلاء و مهما بلغ حبنا لأبي عبدالله نبقى دونه ، نحن مجانين في الحسين في كل موقف و كل وقت و مكان هذا صحيح و لا غبار عليه و لكن للحب مرتبات و للجنون مراتب و مرتبة عابس مهما ارتفعنا في المراتب تبقى الأرفع.
جميل حينما نحاول و نتسابق لنكون كعابس في عشقه الحسيني ، و جميل حينما نضفي لمسات حرفية شعرية تجعل لقصائدنا لون آخر في لوحة الخدمة الحسينية ، و لكن ليس على حساب جنون عابس ، فلنقتدي به و لنجعله قدوة في هذا الطريق لنحشر مع محمد و آله في الآخرة .. دمتم في رعاية الحجة يا مجانين الحسين
الأحد، 18 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - اشتداد العشرة ، مصطلح خاطئ و لا يمثل الحسينيون"
مصطلح اشتداد العشرة مصطلح يطلقه بعض الشيعة على آخر أربع / خمس ليال من شهر محرم الحرام ، و هو مصطلح -للأسف- شائع في الأوساط الشيعية و الأفكار بين الشيعة ، و تستخدم لبيان الفترة التي تزيد مشاركة البعض ؛ ففي هذه الأيام يقوم البعض بحضور المآتم و البكاء على مصيبة الحسين و حضور المواكب بشكل مكثف ، و ما قبل هذه الليالي ؟ لا داعي لحضور المآتم و المشاركة في المواكب ؟ .. ما مدى صحة هذا الفعل ؟ و هل يمارسه الحسينيون ؟
ينقسم الآخذون بهذا المصطلح لقسمين ، ذوي أعذار و ليسوا ذوي أعذار ، أما ذوي الأعذار فهم من لديهم عذر معتبر لتغيبهم عن المشاركة في أولى الليالي من ليالي عاشوراء الحسين ، كالعمل أو الظروف الصحية الخطيرة و التي قد تشغلهم حتى طول فترة العشرة الحسينية. و ليسوا ذوي الأعذار هم من لديهم أعذار غير معتبرة للتغيب عن المشاركة في تلك الليالي السابق ذكرها ، فالصنف الأول معذور و لا يشملهم حديث هذا المقال ، أما الصنف الثاني فهم المقصودون و هم الفئة التي يستهدفها المقال ..
هذا السلوك خاطئ ، لماذا ؟ يقول حجة الله علينا إمام المتقين المعصوم المفترض الطاعة محمد الباقر عليه السلام "احيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا." ، من هم المقصودون بأمرنا ؟ لا وجود للشك بأنهم أهل بيت النبوة و معدن الرسالة ، أهل البيت (ع) ، من هم أهل البيت الذين آمرنا و حثنا الباقر على احياء أمرهم ؟! هل هم المعصومين فقط ؟ رسول الله محمد (ص) يجيب على هذا التساؤل حين يقول في حق سلمان المحمدي "سلمان منا أهل البيت..." و هذا سبب تسميتنا له بسلمان المحمدي بدلًا من تسميته الفارسي ، ذلك يعني أن أصحاب الحسين كلهم و بدون أدنى شك من أهل البيت.
طيلة فترة العشرة الحسينية ، يخصص الشيعة كل ليلة لنعي أحد المستشهدين في الطف كليلة سابع المخصوصة للعباس ، أو رابع المخصوصة لمسلم أو ثامن المخصوصة للقاسم و غيرها ، أو لبعض الوقائع أو المواقف كخروج الحسين من المدينة و عقد الرايات و غيرها .. و يأتي ذلك في سياق ضيق الوقت يوم العاشر و لتخصيص ليالي خاصة لشخوص معينة لهم مقام عند الله و رسوله اولًا و عند الحسين و أبيه و أخيه ثانيًا ، و عند الزهراء ثالثًا ، فكيف لا يكون لهم مقام بداخلنا نحن الشيعة ؟
كثيرون يتغيبون عن حضور المأتم ليلة الرابع ، ليلة مسلم بن عقيل بن أبي طالب و هو سفير الحسين و موضع ثقته ، ألا نستطيع تخصيص جزء من وقتنا لأحياء هذه الليلة و هذا اليوم ؟ ألا يستحق مسلم منا أحياء و حضور يليق بهذا البطل المضحي بنفسه في سبيل الله دفاعًا عن إمام زمانه الحسين ؟ كيف نرى وجه الباقر غدًا و نحن نحيي أمر البعض دون البعض ؟!
عزيزي الشيعي الغيور المحب للحسين ، لا وجود لما يسمونه باشتداد العشرة ، مصيبة الحسين مشتدة من يوم العاشر و منذ قبل آلف سنة و اكثر و لحد الآن .. لا تجعل مشاغلك الدنيوية مهما بلغت أهميتها أن تعيقك عن احياء هذه الليالي الحزينة بحجة مصطلح غبي -اشتداد العشرة- ! كن واعي فهذه العبارة لا تمسك أنت أيها الحسيني العاشوري ، هلموا للمواكب و للحسينيات ، هلموا لمواساة الزهراء ، هلموا لمواساة سيدي و مولاي المهدي بن الحسن (عج) ، يكفي أننا مقصرون بحقهم !
الجمعة، 16 أكتوبر 2015
"سهام الوعي - الرسائل العاشورية الغير مباشرة (1)"
عاشوراء مدرسة .. كلنا نسمع بهذه الجملة في مختلف المحافل و الكتب و المقالات ، و نرددها لأن كربلاء فعلًا مدرسة معلميها الحسين و أصحابه و أهل بيته ، و كلهم تفننوا في طرح الدروس ذات العبر المختلفة.
و نحن إذ نعيش أيام عاشوراء نستذكر تلك الدروس و نحاول جيدًا دراستها و الإستفادة منها ، فهي إن صحَّنا القول أحبال نجاة معلقة من السماء لنا.
أنت مدرس و لا تمتلك وقت كافٍ لإعطاء درس واحد و شرحه ، فما الطريقة لإعطاء أكثر من درس في وقت بسيط ؟! هذا السؤال اجاب عليه الحسين بن علي (ع) ، أهل بيته و أصحابه في كربلاء حين أعطوا الدروس الكثيرة و التي لا تنتهي ليومنا هذا في نصف يوم فقط ! و لم يكونوا يفعلوا ذلك إلا لإعتمادهم على أسلوب ذكي في اعطاء تلك الدروس ، حيث اعتمدوا على الرسائل كوسيلة لإعطاءها ، و لا نعني بالرسائل تلك المكتوبة ، لا بل القولية و الفعلية (المواقف) -و يمكن أن تترجم على أنها وصايا-.
الرسائل التي تحاكي العقل و تطرح التساؤلات النفسية و الفكرية هي الرسائل التي تجعل الإنسان يقتنع بفكرة معينة أو حتى يغير قناعته بمنطق ما ؛ فالحاجز العقلي هو الحاجز الصعب التجاوز لأنه حاجز تفكيري قائم على منطق معين و قناعات محددة ، و في حال تجاوزه لا وجود لما يعيق مخاطبة العقل و التأثير فيه مباشرةً ، تمامًا هذا هو أسلوب تلك الرسائل السابق ذكرها ، حيث أنها تعتمد على طرح تساؤلات تكسر هذا الحاجز و تسهل على الشخص استلام العبرة من الدروس التي هي بدورها تؤثر فيه و تغيره.
و الرسائل هذه تنقسم إلى قسمين ، مباشرة و غير مباشرة ، أما المباشرة فهي الرسائل التي جائت مخاطبة فئة معينة بحروف معينة كقول الحسين لشيعته "شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني..." أو قوله للسيدة الجليلة زينب "لا تَشُقِي علي جيبا..." ، و هذا النوع من الرسائل لا يحتاج للتفكير لاستنباط المعنى ، فالمعنى واضح و جلي. أما النوع الآخر فهي رسائل مجهولة الفئة و لم تذكر بالحرف و إنما تحتاج للتفكير لاستخراج الرسالة المرادة ، و هذا النوع يبين نقاط التمايز بين الذين يدرسون كربلاء من ناحية واحدة فقط أو من عدة نواحي ..
تعددت الرسائل الغير مباشرة حتى صارت أكثر من المباشرة يوم العاشر من المحرم - لماذا ؟ لكونه يرمز لأهمية تلك الرسائل و ضرورة الالتفات لها و التركيز عليها ، فالحسين جعلها مخفية العنوان و الفحوى ليفتح الباب على مصراعيه للاستنتاج و التفكير فيها ، و تزداد أهميتها أكثر عندما تخلق جو من التفكر في قضية الحسين و المواقف العاشورية ذات العبر المتعددة فضلًا عن كونها مكملات لذواتنا و مفتاح لحل الكثير من مشكلاتنا.
و لنا في سلسلة مقالات "سهام الوعي" لفتة لبعض تلك الرسائل إن شاء الله ..