الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

"بين الإيجابية (+) و السلبية (-) اصبع واحد !"


لطالما سمعنا شخص ينعت آخر أنه إيجابي ، أو تلميذ يصف أحد زملائه أنه سلبي ، و ترددت في وسائل التواصل الإجتماعي و على ألسنة المدربين و الأطبّاء النفسانيين مصطلح "الرسائل الإيجابية و السلبية" ، و لربما قرأنا الكثير حول هذا الموضوع الشائك لمعرفة ما المقصود بـ"الإيجابية" و ما معنى توأمتها المختلفة "السلبية".


قد نصف شحنات التيار الكهربائي انها سالبة أو موجبة ، و قد نكتب أرقام رياضية تحتوي اشارة السالب و الموجب ، و أحيانًا نجد بعض العلماء يتحدثون عن الطاقات الإيجابية و السلبية من حولنا ، و في هذه الخربشة لن نتحدث لا عن هذا ولا عن ذاك ، و لا عن المصطلح الشامل (ليس بقصد الشمولية) للإيجابية و السلبية حيث أن لا تعريف واحد لهذين التوأمين. الإيجابية و السلبية هنا هي نظرة ينظرها الشخص لجميع المتغيرات من حوله ، بمن فيهم البشر و الحوادث و المواقف و المحلات و غيرها .. ، و تأثيرها النفسي عليه.


و بما إن عضو النظر في الإنسان هو العين ، فنستطيع القول أن الإيجابية و السلبية هما عيني الإنسان الوهميتان الغير محسوستان الذي ينظر من خلالهما لما حوله ؛ فالعين اليمنى هي الإيجابية و اليسرى تمثل السلبية ، و مدى امكانية نظرك من عين دون أخرى ، و مقدار تفوق عين على أخرى ، بالإضافة إلى ضعف عين عن أخرى ستحدد العين التي تستخدما غالبًا للنظر للأمور من حولك


العين اليمنى (+) ، تضفي على نظرتك الجمال و الألوان الزاهية ذات المنظر الرائع و الرائحة الفائحة بالتفاؤل فتعكس في داخلك بهجة و سرور و تفجر فيك عيون من الأمل. في حين أن العين اليسرى (-) ، تجعل نظرتك للأمور قاتمة مظلمة ، خالية من الألوان الجذّابة و مليئة بالروائح النتنة مما ينعكس عليك بتذمر و كآبة يصحبها حزن و ضيق


نحن ننظر من كلتا العينين ؟ نعم صحيح فمن الممكن النظر من كلتا العينين حيث حالة من التساوي تقريبًا ، لكن سيبقى لنا خيار في اغلاق واحدة و إبقاء أخرى لنرى الأمور بوضوحٍ أكثر ، فأيّهم ستختار ؟ 

عندما تقول الخربشة اغلق واحدة و افتح أخرى لا تعني أن تسير في الطرق و انت مغمضًا لأحد عينيك قاصدًا النظر بإحداهما ، لا ! الخربشة تعني توقف عن النظر من تلك العين التي لا تريد النظر منها و صبّ تركيزك حول طريقة استثمار العين الأخرى التي تريد لنفسك النظر منها حقًا.


لا أحد يريد العين اليسرى ، لا أحد يطيقها أو يريد النظر منها ؛ كلنا نريد النظر من العين الإيجابية التي تجعل حياتنا أحلى و أنقى ، التي تعيشنا في سعادة و تبعث في أنفسنا الطمأنينة و الراحة -من لا يريد ذلك ؟ لا أحد- ، فلنبدأ باغلاق عيننا اليسرى بالتسماح بالمحبة اذًا ، بالأمل و التفاؤل ، بالإبتسامة و بالفرح ، بمنح من نحب ضحكة تزين حياتهم و تنور ظلمة غرف مخاوفهم المظلمة ، و ليس هنالك من مستحيلٍ مع المحاولة ..


[ طريق التغير ليس بصعبٍ أبدًا ؛ فبين الإيجابية و السلبية اصبع واحد فقط !! ] 


الخميس، 1 سبتمبر 2016

ليس حديث شريف ، بل معادلة حياتية !



"مثل الإهتمام عند البشر كمثل الأشخاص الجائعين يحتاجون لطعامك ؛ فبم تطعم ؟ تطعم من أولًا و تقدّم من على من ؟"

الإهتمام هو الحب و الحب هو الإهتمام ، لا خلاف عَ ذلك ؛ لأن حب الشخص يولد اهتمامًا به و بشؤونه و تفاصيل حياته ، كذلك الإهتمام يولد حبًا أكثر في النفوس لكونه ترجمة لكلمة "أحبك" التي يثقُل اللسان عن نطقها في ظروف و مواضع كثيرة من الحياة. 
لكن لم الجوع ؟ و ما علاقته بالإهتمام ؟ 

قبل الإجابة عَ هذا السؤال يجب الإلتفات إلى أن هذه الخربشة تتحدث عن درجات الإهتمام و تمياز البشر في علاقاتهم ، أي أن الأشخاص غير المقربين لا يشملهم الحديث .. 
يعرف الجوع على أنه حاجة الجسم للطعام ، حاجة الأعضاء للطاقة ، للتغذية و هي أحد أهم العمليات الحيوية في الجسم التي تجعل الإنسان يواصل حياته بالكيفية السليمة و العادية. و الإهتمام يعرف بأنه الإنشغال الذهني و العاطفي بقضية أو أمر أو شخص ، يكون نتاجه تصرفات تدل على المودة و الحب.

الأشخاص المقربون من حولنا كالجائعون الذين يطرقون بابنا أو نطرق بابهم طلبًا للطعام ، نحن لا نطلب منهم "المندي / البخاري / المحموص / المچبوس" ، نحن نطلب منهم كمية من الحب ، مساحة من الحديث ، شمعة من الإخلاص و "كيلو" من التضحية و الوقت .. 
كمية هذه الأطعمة و تنوعها تحدد مقدار الإهتمام الذي تقدمه للطرف الآخر ، و هو معيار الفروق بين المقربين حولك .. كيف ؟

فلنفرض أن ثلاثة أشخاص يطلبون منك ذات الطلب في ذات الآن ، و لنفترض كذلك أن لا وجود لأية ظروف و ضغوطات لتقديم طلب شخص على آخر ، تبدأ بتلبية طلب من ؟ ستبدأ بدون شك بالشخص الذي تهتم به بصورة أكثر ثم ستنتقل للأقل ثم للأقل .. 
بالضبط ، ستبدأ بإطعام الشخص الذي خصصت له مساحة اهتمام أكبر ، فأنت لا تريد لهذا العزيز أن يبقى جائعًا أو ينهكه الجوع ؛ فذلك سيكون مؤشر غير جيد تسوء بتكراره علاقتكما -لا سمح الله- !

جائعون فنطعَم و جائعون فنطعِم ، هذه هي الحياة ؛ اهتمام و حب و عشرة تدوم لسنين ، ثم أثر جميل يبقى في القلب و ذكرى طيبة تخلّد حتى بعد الرحيل .. لا تسمحوا لتصرفاتكم أن تشعر من حولكم بأنهم غير مهمين ، و تذكرّوا أن الطعام الساخن ليس كالبارد كذلك ! 

الأحد، 7 أغسطس 2016

[ضربة الشمس ، ما هي ؟ كيف اتعامل معها ؟]


 لجسم الإنسان درجة حرارة معينة تسمح لخلايا الجسم بالعمل بكفاءة ، ومن الممكن لها أن ترتفع بمقدار (0.5) أو تنقص بنفس المقدار كل يوم ، و حينئذ لا يعتبر الإنسان مريضًا و لا وجود لأي خلل في درجة حرارته. 
الإرتفاع الزائد لدرجة الحرارة أو النقص فيها يعد خللًا يؤثر على عدة أمور في الجسم ، كالنشاط / الهضم / التنفس و غيرها...

و في البلدان التي تكون درجة حرارة جوها مرتفعة و خصوصًا بتواجد الشمس قد تسبب للشخص ما يسمى بـ "ضربة الشمس" ، فضربة الشمس هي ارتفاع في درجة حرارة الجسم يصاحبه غالبًا احمرار في جلد المصاب ، وجع في البطن ، صداع و إغماء ، و تشنجات في العضلات و سرعة دقات القلب. 

و بالرغم من كون الإنسان من ذوات الدم الحار إلا أنه بسبب رطوبة الجو و عوامل أخرى مثل كونه مسن / يتعاطى بعض الأدوية / الجفاف و غيرها.. ، تقل مقدرته على افراز العرق لتبريد الجسم و تقليل درجة الحرارة ، و لذلك يلاحظ قلة تعرق المصابون بضربات الشمس ! 

لابد و أنك شاهدت عاملًا ساقطًا على الأرض في الظهيرة (مغمى عليه) ، اعلم إنك تواجه حالة مصاب بضربة شمس .. كيف تتصرف ؟ إليك الطريقة :

#توجه لمكان المصاب و ابعده عن اشعة الشمس لأقرب مكان مظلل.
#اطلب الإسعاف او اتصل على الرقم الدولي إن كنت خارج بلدك (112).
#قم بفتح ملابسه او خلعهم لتبريد جسمه و ازل عنه ربطة العنق أو اي شيء قد يعيق تنفسه أو يحول دون تبريد الجسم. 
#ارفع رجليه و ضع تحتهم اي شيء ليبقيهما مرفوعتين.
#انتظر حتى تصل المساعدة (الإسعاف).

•• تذكر : إياك ثم إياك أن تحاول اشراب المصاب ماء أو أي سائل .. بلل شفتيه فقط.
•• انتبه : إن كنت ستدخل المصاب إلى منزل قريب فاحذر من أن تعرضه مباشرةً لهواء المكيف البارد. 
•• راقب : فلتكن عينك تراقب صدر المريض إن كان يتنفس أو لا ، اذا توقف التنفس قم بعمل الإنعاش الرئوي البطيني (CPR) إن كنت ممن يمتلكون رخصة المسعف ، أو لتطلب المساعدة ممن يمتلكون ، و اذا لم يتواجدوا انتظر الاسعاف.

ضربة الشمس حادث قد يتعرض له الجميع خصوصًا ممن يتعرضون للشمس كثيرًا ، و في البلدان التي ترتفع درجة الحرارة في فترة الصيف لـ 41 درجة و أكثر عليهم وقاية أنفسهم من ضربة الشمس ، و ذلك بعدم تعريض الرأس مباشرة للشمس بإرتداء قبعة أو تغطية الرأس بأي خرقة ، كما يمكنكم تجنب الخروج في فترة الظهيرة أو السير في المناطق المظللة. 

•تذكر : جسمك في هذه الظروف المناخية يفقد الكثير من السوائل ، لتتجنب أي جفاف قد يصيبك لا تنسى شرب كمية سوائل كافية. 

إن عرفت كيف تتعرف على حالة ضربة الشمس و كيف تتعامل معها ، علمّها لغيرك و لتطبقها عند الضرورة ..

الجمعة، 15 يوليو 2016

[ "بوكيمون قو / Pokémon GO" هيروين 2016 المجاني ! ]


كغيرها من ألعاب الأجهزة الذكية ، أطلقت شركة "Niantic" الأمريكية لعبتها الجديدة في متاجر الأجهزة الذكية مؤخرًا صانعةً زوبعة في مجال تطبيقات الألعاب الإلكترونية على الأجهزة الذكية ، و بالرغم من كونها أصدرتها بدايةً في أسترالياثم تفشت في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية و نيوزلاندا ، ها هو الوطن العربي يشهد اجتياح جديد من نوعه ؛ فقد ازداد عدد لاعبي اللعبة و تفاقم في وقت قياسي ! -رغم عدم كونها منتشرة و متفشية لربما كغيرها من الألعاب-

"البوكيمون" هو مصطلح يطلق على على مخلوقات كرتونية من وحي الخيال يملكون قوى غير عادية ، يتمكنون من التحول و مواجهة مثيلاتها من البوكيمونات بوسائل مختلفة ، كما يتمكن حامل كرة البوكيمون من حجزهم في الكرة و التنقل معهم أين ما ذهب ، و قد حظى مسلسل البوكيمون الكرتوني الكثير الكثير من المتابعين في العالم ، و هو ليس حديث الوجود بل يعود لأكثر من عشر أو خمسة عشر سنة الى الوراء تقريبًا -وربما أكثر- ، و رغم وجود لعبة البوكيمون الشهيرة التي انتشرت في أجهزة الـ(game boy) إلا أن وجود لعبة مثلها و بنمط متطور و في الأجهزة الذكية كذلك صنع لهذه اللعبة ميزة خاصة جذبت متابعي المسلسل الكرتوني و غيرهم.

التنقل بين المناطق ، الذهاب هنا و هناك ، جمع كرات للبوكيمون و صيد البوكيمونات أصبح هوس لاعبي اللعبة حاليًا ! "أوقف السيارة سأصيد أحد البوكيمونات" لا تستغرب إن وجهت لك هذه العبارة و أنت تقود السيارة ، أو لا تشعر أن صاحبك مجنون ؛ هو بإختصار تحت تأثير هيروين الكتروني اسمه : Pokémon GO ! 

ما ضرر هذه اللعبة ؟
تناقلت كثيرًا من مواقع التواصل الإجتماعي بعض المخاطر التي تجعل اللعبة بطريقة أو بأخرى خطرة على المستخدمين ، منها :-
 "كشفت شركة بحث أمني اسمها “RedOwl” أن لعبة “بوكيمون جو” تجبر المستخدمين قبل اللعب بالتسجيل بواسطة حساب جوجل وإذا جربت التسجيل بأي وسيلة أخرى يظهر لك خطأ وفي النهاية أنت مضطر للدخول بحساب جوجل، وأنالشركة المصنعة للعبة “Pokemon Go” واسمها Niantic لديها كل الصلاحيات على حسابك وهذا يعني...  
• قراءة كل بريدك الإلكتروني
•إرسالالبريد الالكتروني بأسمك.
•الوصل الى جميع المستندات الخاصة بك في خدمات جوجل.
•حذف أيبريد او أي مستند خاص بك في حساب جوجل.
•النظر على تاريخ البحث الخاص بك وسجل الخرائط والملاحة.
•الوصول إلى أي صور خاصة قد تخزن في صور جوجل.
هذا فقط القليل من الكثير فالأمر مرعب خاصة معرفة مكانك وتاريخ تصفحك وأيضًاالوصول إلىصورك، بالإضافة إلى أنه يمكن الوصول إلىحسابتك الاخرى المرتبطة بهذا الحساب ببساطة..." 

كما و إن خطورة هذه اللعبة لا تتوقف هنا فقط ، فاللعبة قد تتسبب بمتاعب اجتماعية مستقبلية ، فقد تناقلت بعض وسائط التواصل الإجتماعي عن كون أحد الأشخاص دخل على فتاة بأحد الغرف متدعيًا أنه يبحث عن بوكيمون ! كما و قد نقل لي أحد الأصحاب عن كونه كاد يتعرض لحادث سير مروري بسبب كونه مشغول في البحث عن البوكيمون أثناء قيادته ! كما و إن اللعبة تسيء بطريقة أو بأخرى للمعتقدات أو الديانات بتحويل دور العبادة لساحة مقاتلة للبوكيمونات أو لجمع الكرات ! فصار البعض يذهب ناحية دور العبادة لا للصلاة بل لجمع البوكيمونات. 

من الجيد ذكره أن اللعبة لم تحظَ بذلك الانتشار الواسع مقارنةً ببعض الألعاب الأخرى ، فثمة الكثير ممن لم تعجبهم أو ممن لم يريدوا و لو لوهلة الخوض فيها ، لكن خطورتها ما زالت تثير بعض القلاقل و الاضطرابات ، و نحن اليوم بحاجة ماسة لتقليل استخدام أفراد المجتمع لمثل هذه النوعية من الألعاب الإلكترونية لمدى خطورتها خصوصًا على أبناء الجيل الحالي ! فمتعاطي هيروين البوكيمون إن ما ازدادوا ستصبح شوارعنا مملوءة بما يطلقون عليهم مصطلح : "الزومبي / zombies"  -الأحياء الأموات- !

السبت، 18 يونيو 2016

[هلال خلف السور العظيم (4) - الخِصال المجمدة]

مما لا شك فيه ، أن لشهر رمضان حرمة خاصة ملصوقة في جدار قلب كل فرد فينا ؛ فنهار هذا الشهر نمضيه بلا طعام أو شراب ، و نصوم فيه عن النظر إلى محرم ، التلفظ بما حُرّم ، عن الشتم ، عن  الغيبة و عن و عن ... 
هذا لأننا نريد صيامًا صحيحًا نثاب عليه و يثقل في ميزان أعمالنا ! لم لا ؟ و صوم هذا الشهر مفروضٌ علينا و لنا فيه من الأجر و الثواب ما لا تحصيه رياضياتنا و لا تتصوره عقولنا البسيطة .. 

جميل هو ذاك الصائم الذي يحاول أن لا يرتكب خطأ يُأثم عليه في فترة صيامه مرددًا جملة "اللهم إني صائم" ، و يكمل جماله إن ما ردد هذه العبارة بعد إفطاره ! لكون الكثير ممن يصومون في نهار الشهر الفضيل يعودون للإثم و الخطأ بعد الإفطار و كأن حرمة هذا الشهر خصصت لنهاره دون ليله ، فعلي -مثلًا- يمتنع عن التحدث عن الآخرين في النهار مرددًا "اللهم إني صائم" و ما إن يحين موعد الإفطار لم يبقي شخصًا إلا و تحدث عليه بسوء ، أو نسب له ما ليس فيه (اغتابه) ، و يكون المبرر لفعلته هذه أنه الآن فاطر ! 

هذا يعني أمرًا واحدًا ، علي لم يعي أهمية وجود شهر رمضان في الحياة ؛ شهر رمضان ليس للصوم عن الأكل و الشرب و الامتناع عن معصية لفترة النهار فقط ، بل لتدريب الشخص على ترك المعصية و الإقلاع عنها على فترات حتى يتسنى له اقتلاعها من داخله نهائيًا ، و ما يحصل من نماذج لنفس ما فعله علي يدل على أن هناك خصال سيئة و غير مرتبطة مع أخلاقنا نحن كمسلمين تتجمد في قالب الصوم حتى أذان الفجر ثم تذوب جاعلةً الخصال محررة قيد العمل طوال فترة الإفطار حتى تتجمد مع أذان فجر اليوم الآخر. 

الخصال المجمدة اليوم تبيت بقلب الكثيرين منّا ، منها يجمد في النهار فقط و منها يجمد في الشهر فقط ، فيمر شهر رمضان دون أن نعتبر و دون أن يغير فينا خصلة واحدة حتى ، و نكون بذلك قد خسرنا فرصة ثمينة في حياتنا ، فرصة لا نعلم أتتكرر مرة أخرى أم لا ! 
لن يعي خطورة هذه الخصال الجميع ، فمن يحس بها هو شخص يستشعر وجود الله حوله ، شخص يعرف مدى حاجته لله عز وجل في حياته اليومية ، شخص كالطلبة المغتربين ، هؤلاء الذين يدركون خطورة الوحدة و البعد عن الله في ساعات اغترابهم و مدى تأثيرها عليهم .. 

هذه القضية يجب أن تعالج بمعرفة ضرورة تغيير هذه الخصال ، فهي بالدرجة الأولى تؤثر على علاقتنا بالله عز وجل ، فضلًا عن سلبها لنا أحيانًا للتوفيق الإلهي -الذي من دونه نحن لا شيء- ، كما أن المستقبل الذي ينتظرنا كيف سيكون بخصالنا الحالية ؟ أيها الطبيب ، كيف تعالج الناس و أنت تفتقر لعلاج خصالك المجمدة ؟ أيها المهندس ، كيف تخطط البيوت و العمارات و خطة تغيير خصلة واحدة فيك غير موجودة ؟ أيها المحامي ، كيف تحامي عن المظلومين غدًا و أنت لم تنجح في حمي نفسك من خصالك المجمدة ؟ أيها المحاسب ، كيف ستقوم بعمل حساباتك و لم تقم بعد بحساب كم خصلة من خصالك المجمدة قد اختفت ؟ 

كلنا إن لم نصبح ذوي خلق عالي ، و تتسم خصالنا بالصلاح و الطيبة لن ننجح في أبسط مجالات الحياة و لن نكون هؤلاء الذين يُعتمد عليهم في بناء مستقبل واعد .. فكما نردد "اللهم إني صائم" لردع فعل أو قول ما يكون قبيح  في نهار هذا الشهر ، فلنقم بترديد هذه العبارة بعد الإفطار و بعد الشهر بيننا و بين أنفسنا ، حتى ننجح في تغيير الخصلة المجمدة المراد تغييرها ، الخصلة المجمدة التي تقف كالصخرة في طريق نجاحنا و وصولنا إلى الله .. 
لدينا وقت ، و عندنا فرصة ، فلنستغل ذلك - الحمدلله لأننا ما زلنا نستطيع و نستطيع !

الأربعاء، 15 يونيو 2016

[هلال خلف السور العظيم (3) - مائدة الإفطار]

تختلق بين كل جماعات -من العائلة الصغيرة و حتى المجتمع الكبير- بعض المتاعب و المشكلات التي يعبر عنها البعض بأنها ملح العلاقة و الموتور الذي يدفع لديموميتها لفترة أطول ، كما هو الحال في مجتمع الاغتراب ؛ نجد المتاعب التي لابد منها هنا و هناك ، بين الشاب و الشابة / الشابة و أخرى أو شاب و شاب آخر .. 

بسبب اختلاف ألوان النفس ، درجات الصبر ، المزاجية ، التأقلم مع المشكلات و التعامل معها من شخص لآخر، اضافةً لغياب حافز المصالحة النفسي نرى أن هذه المتاعب و إن وجدت فإن حلها يكون على مدى بعيد أو لا حل لها أحيانًا ! فمشاجرة علي لمحمد أو فاطمة لزينب بدون وجود حافز للتصالح و دفن الخلاف -ولو في طرف واحد فقط- فإنه سيستمر و يتطور مع الأيام كذلك حتى يصل لمرحلة الكره و البغض ، و إن وجدت الكثير من هذه الحالات في مجتمع مغترب فتفككه و انقسامه لمجموعات -كل واحدة تعادي الأخرى- سيكون أبسط من شرب الماء ! 

كيف أصلح بيني و بين شخص تخاصم معي ؟ أو كيف أصلح بين اثنين متخاصمين في هذا الشهر ؟ كيف أكون واسطة بينهم ؟ كيف أجد حافز المصالحة فيي أو في الآخرين ؟ 
كل ذلك بات سهل المنال في شهر رمضان ؛ فهذا الشهر ببركاته العظيمة و رحمة الخالق عز وجل يستطيع أن يهيأ لنا الجو المناسب لتراضي المتخاصمين و دفن مافي القلوب ، و تنقيتها من شوائب العداء لبعضنا البعض. هذه بعض منها :-

•مائدة الإفطار : تنظيم مائدة افطار جماعية تضم المتخاصمين هي الحل المناسب لكسر مافي القلوب ، تصور إن اثنين متخاصمين يأكلون من ذات الصحن ، من ذات المائدة ، و يناولون بعضهم البعض الطعام أو الشراب ، ما تأثير ذلك عليهم !؟

•المصافحة : روي في الأحاديث عن كون المصافحة الحارة و كأنك لم ترَ الشخص منذ سنين في كل لقاء لك به تساعد في تنظيف القلب و التخلص من العداء بين الجماعات .. 

•عمل مشترك : في شهر رمضان و خصوصًا في ليلة النصف منه أو العيد أو عند وجبتي الفطور و السحور نقوم بأعمال مختلفة كالطبخ و غيرها ، إن وضع اثنان متخاصمين في ذات العمل فإن جزءًا من هذا المحمول في القلب سيسقط ! 

شهر الرحمة يمتلك الدواء لمثل هذه الحالات ، مجتمعنا المغترب اليوم بأمس الحاجة لإرضاء المتخاصمين و تخفيف وجع الغربة بالمودة المنتشرة في أرجاءه ، فلنستغل فرصة الشهر الفضيل و مافيه من جو مهيأ و بركات كثيرة لنصلح ما أتلفته الأيام و المتاعب بقلوبنا ، فلنكون ممن يمتلكون حافز المصالحة لنبادر بها أو نكون واسطة بين اثنين - و لنا في الحالتين جزيل الثواب و عظيم الأجر !

السبت، 11 يونيو 2016

[هلال خلف السور العظيم (2) - توه يعرف الله!!]

يعيش الإنسان في غفلته و جهله ، لا يدرك حجم خالقه و لا يتصور خطورة عقابه ، فيعصي و يعصي -بعلمه أو بدون علمه- ، و يتوه في هذه الدنيا المليئة بالفتن التي تفتن ناظريه ، و تسحر عقله و تلوث قلبه و لسانه ، تمامًا كالكهل الذي انكسر عكازه في منتصف الطريق .. 

كلما كثرت تلك الفتن الدنيوية كلما كانت الدنيا مزينة له أكثر ، فالطالب المغترب -خصوصًا من هم في بلد غير إسلامي- الذي يجد الحلال و الحرام بمختلف أنواعهما حوله صار معرضًا لهذه الفتنة بلا شك أو ريب ؛ لأن مغرياتها تحيط به ، و تحاول استمالة قلبه و ايجاد مكان لها فيه ، و لو لا الدين الذي يردعه لكان قد غاص في أعماق ملذات الدنيا بدون مانع و حاجب. 

في الغربة .. البعض تملكته هذه المغريات و أقعدته الدنيا بجوارها ، و البعض استمالة جزءًا من قلوبهم فزلتهم ، و البعض لم تتمكن منهم و ما زالت تحاول الوصول لقلوبهم ، و مع محاولات الدنيا المتنوعة لجذب هذا الطالب و حرف مساره عن هدفه الذي تغرب من أجله ، يهل هلال الشهر الفضيل ليلقي كلمته الفاصلة فاتحًا الباب على مصراعيه لجميع الطلبة -كلهم كلهم- للعودة إلى الله عز وجل و التحصن بحصنه المنيع.

هذا شهر رمضان المبارك ، شهر الخير و المغفرة و التوبة و الرحمة ، شهر إصلاح النفس و تحسين العلاقة بين العبد وربه ، هو كما قال رسول الله (ص) شهر دُعينا فيه لضيافته جل و على ، هو شهر يريد الله فيه لنا أن نكف عن معصيته و نتسابق لطاعته نيلًا لرضاه و أن نخلص له التوبة و العمل .. 
فما بال البعض ممن نشعر و كأن الله وكل لهم مهمة قبول التوبة ، أو ولّاهم على العباد فيحكموا بينهم بعقولهم الناقصة ، بتفكيرهم أنهم الأتقى و الأنقى و الأكثر إيمانًا بين الناس ! ما بالكم ؟!

"أنت وش عرفك بالله" / "هذا توه يعرف الله" / "طول السنة .... و أحين يسوي روحه آية الله" .. أي عقل إسلامي تمتلكون ؟ المخطئ عند الله دائمًا له فرصة في العودة إلى الله و التوبة و التقرب منه ، فكم من عاصي تاب الله عليه و أدخله مدخل المؤمنين الصالحين ؟! ما دمنا لا نمتلك الأحقية في الحكم على الأشخاص أو معرفة نياتهم أو قبول توباتهم و هدايتهم فلنكف عن الحديث الجارح الذي لا منفعة منه إطلاقًا ؛ فهذا المخطئ العاصي هنا في الغربة كأخوك و تلك كأختك ، و من حقهم عليك أن تحاول تعديل انحرافهم هذا بما تستطيع -لا إكراهًا و لا إجبارًا- .. 

عزيزي المغترب ، مجتمعنا في الاغتراب بحاجة لأن يعالج المخطئ و يرشده بأسلوبٍ لبق محترم ، لا بأن يهمشه و يعقده و يجعله كمن كفر بالله عز وجل مشوهًا صورته أمام العلن ، فلم يا عزيزي تقطع أمله بأن يترك و يعود و الله قد أعطاه هذا الأمل ؟!!
كلنا خطّائين ، كلنا مذنبين ، فلننظر لمعاصينا قبل أن ننظر لهذا و ذاك ، و لنحمده أنه ما زال يستر علينا ما نعمل و نصنع بعيدًا عن أعين الناس .. 
مجتمع مغترب يصلح من فيه = مجتمع مغترب نموذجي ! 

#ملاحظة : هذه ليست دعوة للمعصية أو تبرير خطأ مخطئ ..

الخميس، 9 يونيو 2016

[هلال خلف السور العظيم (1) - راعوهم فشوقهم يكفي!]


شهر رمضان المبارك ، شهر يطل فيه الخير و يمتزج فيه مع البركة فيصبح ذا نكهة خاصة لجميع متذوقيه ، فأيامه ذات طابع خاص ملونة بأجواء خاصة كذلك و مميزة عن باقي أيام الشهور. 
مجالس الذكر ، التجمعات العائلية و الأصدقاء في أوقات السحر و أوقات الإفطار ، الزيارات الكثيفة ، حالة التواصل الإجتماعي المرتفعة ، البسمة التي لا تفارق الوجوه ، اللحظات المميزة التي نود أن لا تنتهي ، كل ذلك -و أكثر- مما يميز شهر رمضان ! 

هذه الأجواء الفذة التي تنسي شخص ما ،هم عام كامل قد تكون مسلوبة عند البعض ! فثمة من غلفه عمله و شغله ، فصار لا يستمتع بهذه الأجواء و لا يتنفسها ، و ثمة من حبسه مرضه فصار لا يعرف إلى هذه الأجواء سبيل ، و ثمة من أبعده طموحه ، حلمه ، مستقبله و هدفه عن هذه الأجواء فصار بعيدًا مغتربًا يشتاق للعودة و عيش هذه الأجواء و لو للحظة ! 
و أخص بالذكر "الطلبة المغتربين" ؛ لأنهم الآن في مجتمع آخر في الغربة لا يساوي -أبدًا أبدا- ذلك المجتمع في الوطن ، المجتمع الذي فيه الأم ، الذي فيه الأب ، الذي فيه الأقارب ، الذي فيه شهر رمضان كما اعتادوا أن يكون منذ إن كانوا صغارًا ! فالطلبة المغتربين من أشدهم شوقًا لجو شهر رمضان. 

أيها الأب ، أيتها الأم ، أيها الصديق أو القريب .. في هذه الأيام و أنتم تتواصلون مع هذا المغترب ، و أنتم ترسلون له صور جمعاتكم ، مجالسكم ، طعامكم ، صوركم ، و أنتم تحادثونهم عن لحظاتكم و تشاركون معهم ما يضحك و ما يسعد راعوا أن الشوق قد قتلهم و أن الحنين قد استوطن قلوبهم ، راعوا مشاعرهم ، تصرفاتهم ، كلامهم في هذا الشهر و هم بعيدين .. راعوهم لأن شوقهم يكفي !

أيها المغترب ، صحيح أن مجتمع الغربة ليس كما المجتمع في الوطن ، ولكن يمكننا معًا أنا - أنت - أنتِ - أنتم و أنتن ، أن نصنع لنا جونا الخاص بمجالسنا ، بإفطارنا سويًا ، بضحكاتنا ، بالابتعاد عما يحزن و التعلق بما يُفرح ، لنغدو عائلة هنا في الغربة ...

الثلاثاء، 22 مارس 2016

"أم البنين ، أنتي الأم المثالية على مر العصور !"

نعيش في هذه الأيام ذكريين اثنين ، الأول ما يسمى بعيد الأم أو يوم الأم ، و الآخر هو ذكرى وفاة السيدة الطاهرة الأم العظيمة أم البنين سلام الله عليها. نحن اذ نتحدث عن أم البنين نعظمها و نقدسها و نجعلها مثالًا يحتذى به و قدوة لكل أم و شابة ، لم ؟ لم كل هذا التعظيم ؟ و لم هي الأم المثالية ؟

بدون أدنى شك ، و مما لا يخفى على أحد أن السيدة أم البنين لها فضائل و مميزات كثيرة تعجز عقولنا البسيطة عن إلمامها ، تبقى لأم البنين خاصيتين اثنتين تميزها كأم عن سائر الأمهات ! 
الخاصية الأولى: هي كون أم البنين امرأة تعرف إمام عصرها و زمانها ؛ أم البنين عاصرت 4 أئمة ( أمير المؤمنين ، الحسن ، الحسين و زين العابدين -عليهم السلام ) و في كل حقبة كانت تعرف إمام عصرها و زمانها معرفة كاملة ملمة ، مما تجعل تصرفاتها و حديثها يدخل الفرح على قلبهم و يخفف من أحزانهم ، و يصب في طاعتهم ، الإنقياد لأوامرهم و حبهم ، و هذا يبدوا جليًا في سيرتها عليها السلام خصوصًا منذ أن خطبها الإمام علي (ع). و معرفة الإمام معرفة كاملة ملمة تعني المعرفة كذلك بما يحب و بما يرضى و مم يغضب و مم يحزن ، فضلًا عن معرفة أنه امام مفترض الطاعة و أنه حجة الله في الأرض.

الخاصية الثانية: معرفة أم البنين بإمام عصرها و زمانها أثمر و أزدهر و بان حين انجبت الأربعة -أبناءها- ، حيث أنهم رضعوا من والدتهم هذه المعرفة و تربوا على يدها بهذه الطريقة ، و ذلك واضح جدًا في معركة كربلاء ، و قبل معركة كربلاء ، نستكفي فقط بذكر مثال كأبي الفضل العباس (ع) الذي كان ينظر إلى الحسين على أنه سيده و مولاه و إمام زمانه قبل أن يكون أخيه من والده ، و بذل نفسه في سبيل الدفاع عنه و صد خطر أعداءه ، و غيرها من المواقف الكثيرة لأبي الفضل التي تدّرس في معان التضحية و البذل في سبيل إمام العصر و الزمان ، و إن ننظر لعظمة هذا الرجل و مواقفه لابد أن نسلط الضوء على أنه تربية من ! تربى في حجر من ! من أمه من أبوه ! 

هاتين الخاصيتين اللتان تميزان أم البنين كافية لتكون مميزة -بعد الزهراء (ع)- و أم مثالية بمعنى الكلمة ، فكم من شابة تعرف إمام زمانها معرفة حقيقة كما أم البنين ؟ كم من أم يرضع أبناؤها اليوم معرفة فذة لإمام عصرهم و زمانهم منذ الصغر ؟ و كم من امرأة تعمل بما يرضي الإمام و تتجنب ما يزعجه ؟ لذلك أم الأربعة هي الأم المميزة على مر العصور.

أيتها الشابة / الأم مستقبلًا / المرأة الممهدة لإمام الزمان (عج) ، وظيفتكِ أعظم من وظيفتنا نحن الشباب ، و نحن الرجال ؛ لأننا تربيتكن أنتن ، فإن نقصت معرفتكن بالإمام قلت معرفتنا به و قد نظل ! الطفل غدًا يحتاج لتأهيل مبكر لنصرة دولة الحجة (عج) و هذا يتطلب معرفتكِ بإمام الزمان أكثر .. 
أيها الشاب / الأب مستقبلًا / الرجل الممهد لإمام الزمان (عج) ، وظيفتك لا تقل أهمية عن الشابة و معرفتك بالإمام سينعكس في تربيتك لإبنك ، و لا يقتصر دورك على القتال فقط .. 

في زمن الغيبة نحن أشد المحتاجين لمعرفة أم البنين ، لمجتمع فيه أمهات يمتكلون ربع ما تملكه أم البنين من معرفة بإمام عصرها و زمانها ، فنمهد بذلك الأرضية لظهوره (عج)