الجمعة، 26 سبتمبر 2014

"أين الضاجون على الجواد؟!"

تمر علينا في هذه الأيام ذكرى استشهاد الإمام المعصوم محمد بن علي الجواد (عليهما السلام) و الذي قضى نحبه في ريعان شبابه ظلمًا و كان ضحية الحقد المتفشي في ناصبي العداء لأهل بيت رسول الله (ص) ، و في ذكراه من الجدير طرح قضية سبق و تم الالتفات لها -ربما- أو التحدث فيها.

يقول صادق آل بيت محمد (ص) : "أحيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا". مما لا شك فيه أن سلسلة تواريخ استشهاد المعصومين ليست متقاربة، بل متفرقة و موزعة على طول السنة. مما يجعل لبعض المناسبات التي تتقارب من بعضها البعض طابع خاص أو مسمى آخر كموسم عاشوراء مثلًا ، تتميز هذه المواسم بحضور غفير و متفوق على بقية المناسبات -المتفرقة- و هذا قد يكون طبيعيًا وواقعيًا من جهة ، و لكن ثمة ضرر يكمن خفية في الجانب الآخر ، ألا و هو ضعف المشاركة في بقية المناسبات ؛ ستكون فرصة ليفترسنا أعداء المذهب فضلًا عن كونه ثغرة نابعة من نقص التبحث و التفكر في حياة بعض الأئمة المعصومين.

و لتوضيح هذه القضية لو افترضنا أن هناك من سُئل هذا السؤال : "محمد بن علي الجواد أحد الأئمة المعصومين عندكم كشيعة ، هل تستطيع أن تعطيني ٥ مواقف تدل على عصمته و أحقيته بحمل هذا اللقب ؟" ، هل سيتمكن من إيجاد ٥ مواقف ؟ موقفين على الأقل ! - الأغلبية ستكون إجابتهم لا -و هنا هو الخلل- ، لم ؟ الأمر سيكون متوقعاً إنْ نظرنا ملياً في هذا الجيل و الخط الذي بدأ يميل له مع الأيام ، فمساحة التبحث و الاطلاع على حياة الأئمة بدأت تقل مع الأيام ، و صار الاعتماد على محورين -بشكل غالب- هما : مواقع التواصل الاجتماعي و المنبر الحسيني (المواكب و المآتم) ، و كلا المحورين يشتكيان من خلل يعطل عملية إكمال مهمتهما على أكمل وجه.
هذا واقع علينا مواجهته لا تبريره ، و الإمام الجواد (عليه السلام) ليس فقط الإمام المعني من حديثي هذا ، بل أكثرية الأئمة الذين عاشوا ما بعد فترة ابن الحسين علي (عليهما السلام)، فلم يعطهم الزمان و لا شيعتهم -البعض الحالي- حقهم ! فلا الجميع يعلم أن الإمام الجواد كان فتى صغير السّن حين استلم زمام القيادة و قاد كما قاد جده علي بن ابي طالب (عليهم السلام) في عمره المتقدم ذاك، و لم يكن بجوار والده في فترة عيشه ليستمد منه علمه و حنكته ، و هذا دليل على عظم مكانته و أحقيّته بتولي زمام المسلمين في تلك الحقبة .

طبعًا، لا اختلاف أنّ للحسين (ع) مكانة رفيعة منحها الله إياها، فبات فكره و حادثته هما المسيطرتان -تقريباً- و كلنا نعرف المقولة الشهيرة و التي يقولها حتى الأئمة الأطهار (ع)  أنْ لا يوم كيومك يا أبا عبدالله. ومع ظهور جيل لا يتبحث كالسابق فسيكون التلقي من حادثة كربلاء فقط ، و هذا غير كاف لنا نحن كشيعة ! لأن محمد و الحسن و الزهراء و علي (صلوات الله وسلامه عليهم) قد مهدوا لثورة الإمام و الأئمة من بعده مع العالمة زينب الكبرى (عليهم جميعًا صلوات الله) و واصلوا هذه الثورة ، و هي مستمرة إلى قيام القائم (عج) ، الثورة التي أدّاها الإمام الجواد (عليه السلام) و إنْ لم تكن ثورة دم على سيف لا تقل أهمية عن ثورة جده الحسين (ع)، بل هي ثورة فكر و وعي ، ثورة علم و بيان. فقد روي عنه (سلام الله عليه) أنه لم يُبقِ من علم إلا و تحدث عنه .

عند قدوم موسم "محرم / صفر" ، نرى الناس تقوم باقتصاص جزء من وقتها، إن لم يكن الكثير، لحضور المآتم و المواكب ؛ و هذا ما يكسبها حضوراً غالباً على بقية المناسبات ، في حين أن الكثير يجد لنفسه عذراً يتعذر به في حال غيابه عن المناسبات الأخرى - إحياء مناسبات معينة بزخم دون أخرى هو أمر خاطئ لن يعود بالضرر إلا علينا ؛ لأن هذه الشعائر هي الكنز الذي ورثناه من أئمتنا. و لا يغيب عن البال موضوع الاطلاع و التبحث عن الأئمة و ما عانوه لكمية العبر الموجودة في حياتهم المنتفع منها، في مواكبنا ، في طريق الموكب ، في حضورنا ، في التفرغ للحضور ، في البحث ، في النقل ، في النشر ، علينا ألا نظلمهم. علينا التبحث في أئمتنا و حياتهم أكثر و أكثر ، هم هدية ربانية إن تركناها خلفنا سنكتب من الغير مقدرين لنعم الله & لنا جهل يمتطينا !

#مأجورين بمناسبة استشهاد الإمام محمد الجواد عليه السلام