الاثنين، 9 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (4) - رسالة السجاد"



مرت علينا ذكرى استشهاد الإمام علي بن الحسين عليه السلام المستشهد في الخامس و العشرين من شهر محرم الحرام ، شهر الأحزان و المصائب.
و لا يخفى على الجميع بما اشتهر به هذا الإمام الذي تم تلقيبه بالسجاد و زين العابدين ، و نحن لهذا اليوم نقرأ تلك الأدعية و تلك المناجات و التي ندرجها في كتب أدعيتنا و برامج أجهزتنا ، فما رسالة الإمام العابد غير المباشرة ؟ و ما علاقتها بتلك الأدعية ؟

تلك الأدعية و المناجات تمثل الرسالة كاملة ، عنوانها و فحواها - فالعنوان واضح جدًا و هو الدعاء ، أما فحوى الرسالة فتحتاج لتأمل منّا قليلًا .. 
ألم تتوقفوا يومًا عن قراءة هذه الأدعية و بدأتم بالتفكير فيها و ما يقال فيها أتجدون ذلك يتفق و شخص الإمام ؟ كمثلاً  قوله عليه السلام في مناجاة التائبين "إلهي ألبَسَتني الخطايا ثَوبَ مَذَلَّتي" ! هو معصوم فكيف يخطأ ! عن أي خطايا يتحدث الإمام ؟! حسنًا إليكم المزيد في مناجاة الشاكين حين يقول "إلهي أشكو إلَيكَ عَدوَّا يُضِلُّني وَشَيطاناً يُغويني قَد مَلأ بالوَسواسِ صَدري وَأحاطَت هَواجِسُهُ بِقَلبي" !! سيدي و مولاي يا زين العابدين مالذي تقوله ؟! بأبي أنت و أمي أنت يا سيدي صدرك مملوء بالإيمان فعن أي شيطان و هوى تتحدث ؟ 

الإمام ليس عاصٍ لله عز وجل و هو لم يعصه طرفة عين ، و لكن الإمام و رغم كونه إمام و معصوم عن الخطأ -له عصمة مطلقة و هو يعلم بذلك- يخاف الله كأنه عاصٍ له و يخاطبه بلسان المخطأ الذي ملأته المعاصي من رأسه لقدميه ، و مناجاة الخائفين تمتلك ما يدعم ذلك و ذلك حين يقول عليه السلام "إلهي أجِرني مِن أليمِ غَضَبِكَ وَعَظيمِ سَخَطِكَ".
و هنا تكمن فحوى هذه الرسالة أعزائي ، أجل إن فحوى هذه الرسالة تتحدث عن أسلوب الدعاء و لسان مخاطبة الله عز وجل ؛ فالأئمة الأطهار و منهم الإمام زين العابدين يمتلكون تلك الميزة التي لا تمتلكها ألسنتنا ، و لذلك فإن الأدعية المأثورة و المنقولة عن الأئمة الأطهار أنفع ؛ لكونها تحاكي الله بأسلوب يليق به كـرب ، لأنهم يعرفون كيف يخاطبون الله.

كما نتأمل في القرآن فلنتأمل في هذه الأدعية ، فهي سلاحنا في هذا الزمن و ما أشبه حال إمامنا بحالنا ، و ما قاساه من ألم و عذاب بلوعة فقد أبيه الحسين عليهما السلام ، و نحن بواقع الحال نحتاج إلى مثل هذه الأدعية لنتقرب لله أكثر و أكثر أيضًا كما نحتاجها لنزيد حبًا فيه و نخاطبه بلسان العارفين به.
فهذه هي رسالة الإمام غير المباشرة بعنوان الدعاء ، و بفحوى أن هناك لسان نخاطب به الله عز وجل هو لسان الخائف المخطئ التائب الراجي من الله العفو و المغفرة الذاكر للمعاصي لا العبادات ، و كما نعلم جميعًا أن سلاح المؤمن هو الدعاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق