الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

"هل قبلت التحدي ؟!"


هل قبلت التحدي ؟ هيا اسكب عليك دلو ماء بارد مع قليل من الثلج ، و لا تنسى ان تجعل صديقك أو احد اخوانك يلتقط لك مقطع فيديو ؛ لتنشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالإنستغرام و السناب جات كي تكون أحد السفهاء المشهورين على نطاق منطقتك ، بلدك أو حتى العالم ! 

لطالما سمعنا عن التقليد الأعمى و تداولت كتبنا و صحفنا ذلك ، و ما يجري اليوم من انتشار لفيديوهات كثيرة من القريبين و البعيدين عنا يقبلون ما يسمى بـ "تحدي الثلج - The ice bucket challenge" هو أحد الأمثلة على التقليد الأعمى و أداة بينت المدى الفكري لأعضاء هذا المجتمع ! 

قبل الحديث عن التحدي هذا من المهم أن نعي سببه ، هي حملة للتبرع لمرضى التصلب العضلي الجانبي الضموري أو الـ"ASL" ، ظهرت بدايةً في أحد البلاد الغربية و انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر مقطع فيديو مسجل. تقوم فكرة عمل هذه الحملة على النحو الآتي ؛ الذي يقوم بقبول التحدي يتبرع بـ 10 دولار ، أو تحدي 3 أشخاص والمتحدين أمام حلين إما قبول التحدي و التبرع بـ 10 دولار ، أو رفضه و التبرع بـ 100 دولار .. و التحدي عبارة عن سكب دلو ماء و الثلج البارد على رأس الشخص.

عندما أرى شاب يسكب دلو مليء بالعصير مع قليل من البيض و المايونيز و الكاتشب ممزوج مع فلل و ثلج ، أعلم إن التحدي أصبح "مهزلة" و خرج عن غايته الأساسية النبيلة ، فاليوم العالم العربي يشهد حملة تبرع بما نسميه بلهجتنا العامية "البصاقة" ، و ان صحنا القول فهي حملة تبرع بالسذاجة لا صلة لها بالتحدي السابق ذكره الا من حيث الطريقة فقط لا غير !
و يزداد الامر تعقيدًا عندما يكون مصدر الهزل (برنامج الواتسب) متدخلًا في الموضوع ، لعل من أكثر الأمور المحرجة و التي لا تطاق ، انتشار مقطع فيديو لرجل كبير في السن يقبل التحدي و يتحدى أعضاء أحد المجموعات المشترك بها في الواتسب و يُسكب عليه الدلو ! - لأي درجة وصل تفكير عقولنا ؟

و لتوضيح المعنى ، فإن الحملة التي قامت للتبرع ليست الخطأ و الخلل التقليد لطريقة الحملة في التبرع دون الانتساب لها ، و الانتساب لها يكون بالتبرع ، فليست مشكلة إن قمنا بابتحدي شرط التبرع ! .. لم نعيب الجيل الذي يلينا إن كان جيلنا و جيل من سبقنا له هذا التصرف ؟
فلنسكب الماء و الثلج على رؤوسنا معبرين عن تفاعل نادر ، لم تحظى به قضايا أخرى يا عُقلاء ! ثمة ما هو أهم حتى من التبرع نفسه ، و هو واجب يفرضه عليكم دينكم قبل عقولكم ، و مبادؤكم قبل انسانيتكم .. 

[ اوتعوا و بلا هرار ]

الجمعة، 22 أغسطس 2014

"لا تطلقوا السهام على مواكبكم !"


ضعف المواكب و قلة المشاركين فيها قضية حساسة على الجميع الإلتفات لها ؛ لأن المواكب هي التراث الحسيني و العرض المذهبي الذي لا يقل أهمية عن منبر المعرفة و الفكر الجعفري (منبر آل بيت محمد) فضلًا عن كونه أحد الطرق التي يتم بها مواساة أهل البيت في أحزانهم ، و ذلك ما دعا له إمام الفكر جعفر الصادق عليه السلام حين قال "أحيوا أمرنا ، رحم الله من أحيا أمرنا".
و في هذا الجانب قضايا و تصرفات عديدة التي من شأنها أن تؤثر على مواكبنا وتكون كالنبال في صدرها ، و سأعرض إحداها .. 

الروح الشبابية الحسينية الحاضرة في اللطم هي روح الموكب و جوهره ، و من دونها قد يحقق الموكب نجاحًا و بعدد كبير أيضًا لكن يبقى في إنكسار لإختفاء هذه الروح فيه ! فالأطفال ، المراهقين و الشباب هم محور هذه القضية ؛ لأنهم الجيل القادم الذي يملأ المواكب دون تخلف -و هذا ما نطمح له- بروحهم الشبابية ، و مستقبلًا لن يبقى الكبار في مقدمة المواكب ليبثوا الروح فيها و إن بقوا ! 
إن ما نراه اليوم من زجر للأطفال و طردهم أحيانًا من مواكبنا تحديدًا في مقدمة الموكب ؛ كون الأطفال بطبيعتهم و المراهقين خاصة يحبوا أن يكونوا مع الشباب مقلدين ما يفعلوه أمر مؤذي للمواكب ، و إن معظم هؤلاء اللاطمين اليوم من الشباب هم نتاج توجيه سابق لدخولهم صفوف العزاء.  

أذكر في فترة طفولتي أن والدي كان يصطحبني للموكب و كنت أرى لطم الشباب و أسمع أصواتهم و ترددات أيديهم النازلة على صدورهم ، و كنت أود أن أكون أحدهم و أفعل تمامًا كما يفعلون و هذا ما شجعني عليه أحد منظمي الموكب حين اخذني لمقدمة الموكب تمامًا حيث كنت أريد. رحت أقلدهم و سعدت بذلك ، لكن بعد مرات قليلة بدأ بعض الكبار بزجري و ابعادي عن مقدمة العزاء ! كان تواجد عمي و صديق والدي في مقدمة الموكب درع حصين جعلني أواصل مشاركتي في مواكب العزاء بالقرب من الشباب دون أن يبعدني أحد ، و حين كبرت أصبحت متعلقًا بالموكب الحسيني و اعتبره شعيرة مقدسة وواجبة عليّ ، في حين إن آخرون من نفس سني مبتعدون عن صفوف العزاء أو متفرجون عليها و منهم من كنت أراه يزجر و يبعد عن مقدمة الموكب.

الجانب التنظيمي هو السبب الرئيسي لإتباع بعض المنظمين ذلك ، كيف ؟ الصغار لا يدركون إن دخولهم وسط صفوف الشباب في الموكب قد يخلق نوع من الفجوة بين الصفوف كما قد يضايق الشباب و يكون سببًا في هبوط الروح -السابق التحدث عنها- ، و ذلك ما لا توده أي جهة معنية بتنظيم أي موكب ، كما إن تقسيم الموكب لصغار و كبار و شباب قد يفرض على المنظمين نوع من التشدد لضمان انضباطه و نجاحه. و لكن ذلك أيضًا لا يبرر تصرفات البعض في زجر الأطفال و الصراخ عليهم لإبعادهم عن مقدمة الموكب حيث يكون الشباب ، فبدلًا من ذلك هناك الكلمة الطيبة التي نكسبهم بها و نحببهم بالموكب أكثر ؛ ليزداد تعلقهم به.

ابتكرت بعض الجمعيات الحسينية و الجهات المعنية بتنظيم مواكب العزاء حلًا حكيمًا بإنشاء ما يسمى بعزاء الأشبال ، حيث إن هذا العزاء يضم الأشبال فقط و هم الفئة المستثيرة لهذه القضية .. و من جهة أخرى من الضروري أن نسلط الضوء على كون الأطفال و المراهقين ينظرون إلى العزاء على انه على طريقة الشباب فقط و غيرهم لا -الشيوبة يعني- ، و هذه النقطة هي ما أثرت في نجاح هذا الموكب و هدفه ، كيف ؟

تغيب الشباب عن الموكب الذي انتج تغيب المراهقين عنه خلف انتشار فكرة إن هذه المواكب هي للأطفال فقط ! فباتت الشريحة الكبرى المشاركة في هذا الموكب هي شريحة الأطفال بغض النظر عن المنظمين. و الحل بسيط وواضح ألا و هو مشاركة الشباب فيه الذي سيؤدي لعدة نتائج ، منها نقل الروح الشبابية للمراهقين و الأطفال و غرسها فيهم ، اكتفاء الأطفال و المراهقين الذي يسهل تنظيم الموكب -الموكب الأساسي- ، بالإضافة إلى تمهيدهم لدخول الموكب و انجاح الموكب مستقبلًا بروح شبابية حسينية ، فضلًا عن نقل هذه الروح للأجيال التي تليهم.

[ هذه الشريحة هي صدر الموكب ، و من مسئولية كل معزي أن يهتم بها ، دمتم لاطمين  ] 

مأجورين بذكرى استشهاد صادق آل محمد عليه السلام ..

الجمعة، 15 أغسطس 2014

"الأنا -الشبح الساكن بالعقول المريضة- عدو النجاح"


زرع في الإنسان رغبة في التطور و التقدم المستمرين منذ أن خلقه الله تعالى ، فهو الطامح ليكون الأفضل و المنافس على الأسبقية الممزوجة بكلمات المدح و الثناء الكثيرتين .. فكلنا بدون استثناء في الجوانب التي نحبها - نميل إليها نتمنى أن نسبق أقراننا إلى قمم النجاح ، و ليس هذا صعبًا ؛ فكما قيل "الوصول إلى القمة سهل ، و لكن البقاء في القمة هو الصعب"

ثمة الكثير من الفخاخ التي يقع بها الناجحون ليسقطوا في حفر الأرض ، منها الظاهر و منها الخفي ، فالظاهر هو ما ترمقه أعيننا ، تسمعه اذننا و يترجمه عقلنا ، في حين إن الخفي هو ما لا نراه و لا نسمعه و لكنه يسكن بدواخلنا و يقود أفعالنا في الغالب .. و مما لا شك فيه على الإطلاق أن الفخ الخفي أكثر خطورة من الفخ الظاهر ، لأنك حينها تقع في فخ لا تراه و احيانًا لا تشعر به نفسك حتى !

من بين كل تلك الفخاخ يتميز أحد الفخاخ و يبرز بحدة مكره و كثرة ضحاياه ؛ إنه الشبح المميت (الأنا) ، يقول تعالى : وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا. و يقول أيضًا : وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فخور. 
كلمة "أنا" ، كلمة تعني الكثير و الكثير ، ولكل فرد حق في ذكرها خاصة في حصر ما حصد و تعديده ، ولكن كثرة تكرار هذه اللفظة تزيد من رغبة سيئة موجودة بالنفس ، و التي قد تنمو و تكبر دون الشعور بذلك حتى ! 

إن أكثر ضحايا هذا الفخ هم الناجحون الواصلون للقمم ، المحققون -ان لم يكن ذالك الجزء من الإنجاز- لإنجاز .. فهم من وجدوا في نفسهم الاكتمال و الاكتفاء ، بل و وجدوا ان اخطاءهم المتناسية -أثناء صعود الجبل- شيء من الماضي فقط ! الناجحون الحقيقيون هم من يعتقدوا بشيء واحد ، و هو إن مهما بلغوا من علم و مهما حققوا من نجاحات لابد من وجود من يفوقهم و يعلوا على نجاحهم نجاح ، و هذا لا يعني التوقف بل المواصلة للأفضل 

[النجاح الحقيقي كالأرقام ، مستمرة إلى ما لا نهاية]

الجمعة، 8 أغسطس 2014

"الكعبة الأسيرة ، تقاوم بنا !"


كلنا -نحن المسلمون- مشتاقة قلوبنا لوصال البيت الحرام و التعلق بتلك الأستار المباركة و الدعاء لذوينا بالفرج و الصحة و العافية ؛ فهذه البقعة طاهرة شرفها آللّھ عز و جل و جعلها قبلة لأمة محمد {ﷺ} حيث قال جل جلاله : ( قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (البقرة: 144) ).
ولكن ثمة من يمارس -ان صحنا القول- فيها أشد أنواع البطش المطلي بالتخلف و المتظاهر بالرقي الخضاري و العقلانية ، فيتأذى المعتمرون - الحجاج لذلك و قد يكونوا سببًا في استصعاب البعض زيارة المسجد الحرام أو النفور منه !

إن الشريحة الأكثر استهدافًا من هذا البطش اللااسلامي هي شيعة أمير المؤمنين (؏) -و ذلك لا يعني عدم وجود شرائح أخرى غير مستهدفة أو متأذية-. يقول رسول آللّھ {ﷺ} : ( من أحب الله فليستعد للبلاء ، ومن احبني فليستعد للفقر ، ومن أحب علي فليستعد لكثرة الاعداء ) ، و هنا تنبأ من نبي الرحمة لما سيلاقيه شيعة أمير المؤمنين بعد رحيله و على مدى بعيد ، و نحن كشيعة علينا التصبر و الثبوت على مبادئنا الأساسية التي منبعها أهل بيت النبوة عليهم السلام ؛ فأخلاقنا و تصرفاتنا و بالخصوص مع هؤلاء يجب أن يكون تمامًا كتصرف ساداتنا عليهم السلام حتى يأذن آللّھ لقائم الآل بالظهور.

يقول تعالى : ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ (الفتح:29) ) ، تمييزنا بسيط و لا يصعب عليهم ! هم يحاولون الإيقاع بنا و محاولة فتح نقاشًا لا يعترفون لنا في نهايته أننا على حق فتكون النهاية إما فوز مزيف بغرض دفع البلاء أو خسارة يعقبها ضربح مبرح ! 
نحن لا نخاف هذا و ذاك ، و لكن قيادتنا تحكمنا فالتصرف مع الجهلاء هؤلاء لا يكون إلا بالتملص منهم و من أحاديثهم و نقاشاتهم العقيمة ، و تجنب التعرض لهم و لكلامهم و لا يعد ذلك خوفًا منهم بل تعقل. و لهذا الكثير من المواقف الغريبة التي ان دلت على أمر فهو ضعف القوم و قلة حيلتهم .. إننا بفكرنا و إيماننا نواسي هذه الكعبة الأسيرة و نمهد لظهور مطهر هذه البقعة ممن ظلموها.