الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - ويحكم توقفوا .. إلا عابس !"


من هو عابس ؟ هو عابس بن أبي شبيب الشاكري الذي استشهد في معركة الطف دفاعًا عن الإمام الحسين (ع) و أهل بيت النبوة و تلبية لدعوة أبي الشهداء ، كما هو صاحب الموقف الكربلائي المشهور و ذلك حين خلع درعه و خرج يقاتل القوم ، و حينما سئل قال "حب الحسين اجنني" ، و صار خير مثال يحتذى به في حب أبي عبدالله.

بين زمان و آخر و في سياق خدمة المولى خط بعض الشعراء و أنشد رواديد بقصائد تتضمن أبيات تقارن جنون عابس بجنونهم بالحسين (ع) ، و في هذا فهناك نوعين من الأبيات ، أبيات تشبه الجنون بجنون عابس و ضرب المثل به و أخرى تفّوق جنونهم على جنون عابس ، فالأول صحيح و لا يمس مقام سيدنا عابس ، أما الأخرى فللأسف تمس مقام هذا الرجل المقدس و غير مقبولة أبدًا أبدًا.

ألا بالإمكان أن يصل جنونا لجنون عابس ؟! و ألا نفوقه في جنونه ؟ إنه حلم صعب جدًا يا شيعة ! حلم صعب المنال ، أتعلمون لماذا ؟ لأن عابس ليس أنا و أنت و ليس هذا العالم و ذاك الفقيه ، هو أرفع منا درجة جميعًا ، فعابس أولًا مختار من الله لينصر الحسين و يستشهد في كربلاء ، و يخلد ذكره على مر السنين ، و ثانيًا عابس وجد في زمان و موقف ليس له بديل ! و لإيضاح الفكرة نستذكر هنا سؤال حبيب بن مظاهر الأسدي للإمام علي عليه السلام عن سبب عدم استشهاده معه رغم تمنيه للشهادة ، فكان جواب الإمام أن انتظر فلك يوم لا لك بديل و إن قتلت فليس هناك من يحل مكانك !

و من جهة أخرى -ثالثًا- الله عز و جل رفع مكانته و درجته و رفع ذكره و جعله مثال يحتذى به على مر الدهور في عشق أهل البيت و الذوبان فيهم ، فكيف لرجل يتميز بهذا كله أن نفوقه جنونًا بالحسين ؟! انه ليس فقط صعب بل مستحيل ! مهما بلغت بنا المواقف ، مهما تشابهت أيامنا بكربلاء و مهما بلغ حبنا لأبي عبدالله نبقى دونه ، نحن مجانين في الحسين في كل موقف و كل وقت و مكان هذا صحيح و لا غبار عليه و لكن للحب مرتبات و للجنون مراتب و مرتبة عابس مهما ارتفعنا في المراتب تبقى الأرفع.

جميل حينما نحاول و نتسابق لنكون كعابس في عشقه الحسيني ، و جميل حينما نضفي لمسات حرفية شعرية تجعل لقصائدنا لون آخر في لوحة الخدمة الحسينية ، و لكن ليس على حساب جنون عابس ، فلنقتدي به و لنجعله قدوة في هذا الطريق لنحشر مع محمد و آله في الآخرة .. دمتم في رعاية الحجة يا مجانين الحسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق