الأحد، 15 نوفمبر 2015

"ضدية المضائف في ساحة المناقشة"

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين ، و الصلاة و السلام على نبي العالمين محمد بن عبدالله (ص) .. 

المضيف -بضم الميم أو فتحها- يعني مكان اجتمعت فيه ثلة من خدمة الحسين من أجل خدمته و توزيع بركات أهل البيت عليهم السلام ، و انتشرت في الآونة الأخيرة المضائف في مختلف المناطق و بين الأحياء ، فأصبحنا نرى بين المضيف و الآخر مسافات بسيطة قد تقدر حتى بالخطوات ! فهل فكرة المضيف خاطئة ؟ و هل انتشار المضائف ظاهرة خاطئة ؟ و ان لم تكن كذلك فما المشكلة من وجود هذه المضائف ؟ 

من خلال أسلوب حل المشكلة القائم على تحديد و حصر المشكلة ، فرض حلول منطقية لها و تجريب الحلول و اختيار الأنسب علينا تحديد المشكلة المتعلقة بالمضائف أولًا و من ثمة الذهاب لجزء الحل ..
أين المشكلة ؟ هذا السؤال الذي نحتاج للإجابة عليه حول هذا الموضوع الذي بدأ يشغل أذهان البعض و يسبب نوع من الحساسية للبعض الآخر ، هل المشكلة الآن في فكرة المضيف من الأساس على أنها خاطئة و يجب الوقوف ضدها أم هي مشكلة أخرى لا تمس الفكرة ؟ 
الإجابة تختبأ في الهدف من إقامة المضائف ، و مما لا شك فيه إن هدف المضيف هو التجمع من أجل الحسين وخدمته و هو بحذ ذاته احياء لذكر الحسين و أهل البيت عليهم السلام ؛ فهل احياء ذكرهم مقتصر فقط على حضور المآتم و المشاركة في مواكب العزاء ؟ هل الشخص المقدم للبركة في المضيف لا يحيي ذكر الحسين بهذا العمل ؟! 
فهل يعتبر بذلك مؤذي للطائفة ، للمذهب و للشيعة ؟! هل يوجد عقل يجيب بـ"نعم" ؟ لا يوجد ! فلا خطر على المذهب و على شيعة الحسين من هذه المضائف و بالتالي فوجود المضائف ليست المشكلة.

و كون المشكلة هي من نوع آخر -ليست فكرة وجوده يعني- فعلينا سؤال أنفسنا ، ما المشكلة إذًا ؟ إن استطعنا تصور بيئة المضيف و التعرف على مكونات هذه البيئة قد نتوصل لمناطقة المشكلة في هذه القضية ، و بالعودة لتعريف المضيف المذكور في البداية نستنتج أن للمضيف أربع أركان رئيسية و هي : الشخوص ، الزمان ، المكان و البركة الموزعة ، و هي أقطاب جذب المشاكل و افتعالها ؛ فكل مضيف تتواجد فيه هذه العناصر و لا وجود لمضيف في منطقة أو أخرى لا توجد فيه هذه العناصر الأربع.
و من هذا المنطلق و لحصر المشكلة علينا دراسة كل ركن و المشاكل الممكن حدوثها :-

1- الشخوص : و هم الأفراد العاملون في المضيف ، القائمون على تأسيسه و إدارته ، و لا وجود لأية مشكلة مترتبة على مشاركة شخوص معينة في العمل المضيفي.

2- البركة الموزعة : و هو الطعام ، الشراب ، النذورات و غيرها المعطاة في المضائف و إن كانت هناك مشكلة تمس هذا الجانب فهو جودة الطعام و مدى التزامه بالمعايير الصحية مثل عدم الالتزام بفترة صلاحية بعض الأطعمة ، أو عدم تنظيفها جيدًا -كالفواكه-.

3- الزمان : و هي الفترة الزمنية المفترض فتح المضائف فيها ، و كما نعلم جميعًا فإن فترة فتح المضائف تكون في ليالي و أيام الوفايات أو المواليد المنسوبة لأهل البيت فقط ، و لا مشكلة في ذلك. و قد تتسبب الفترة التي يبقى لها المضيف مفتوحًا مشكلة للبعض -كبقاء المضيف مفتوحًا لما بعد منتصف الليل.

4- المكان : و هو المكان الذي ينصب فيه المضيف ، و قد تكون أغلب المشاكل المعنية و المنسوبة للمضائف متعلقة بهذا الجانب و لذلك علينا التوقف عند هذه النقطة و دراستها بشكل أدق قليلًا .. 

مما لا يخفى على أحد منكم ، إن أماكن توزع المضائف ثلاث : طريق سير العزاء ، المأتم و الأحياء السكنية. فمنطقة سير العزاء جدًا مهم و ذلك يصب في مصلحة العزاء و المعزين قبل كل شيء ؛ فالموكب يحتاج لهذه المضائف حول جانبيه. و أما المآتم فوجود المضائف عندها قد يعينها أحيانًا و لكن قد يزعج الخطيب أو المتواجدون في المآتم -غالبًا- ، و ذلك لإرتفاع عدد المتواجدون عند المأتم و ارتفاع أصواتهم التي قد تعلوا على صوت الخطيب أحيانًا ! أما المنطقة الثالثة و هي الأحياء السكنية فلا مشكلة في تواجد مضائف ، و لتوضيح ذلك فلنفترض وجود منطقة (قرية / مدينة) مقسمة لثلاث مناطق ، جنوبية ، شرقية و غربية ، و العزاء يمر بالمنطقة الغربية و الشرقية فقط ، لعدم اتساع الوقت أو لطول المسافة ، فهل يعقل أن تنتشر المضائف في المنطقة الغربية و الشرقية فقط دون المنطقة الجنوبية من تلك القرية ؟! فضلًا عن كون ذلك عملًا مواسيًا للحسين و تحت شعار "احيوا أمرنا".

و بذلك نستطيع أن نحصر المشكلات في الآتي : عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، و بحصر المشكلات و تحديدها نستطيع الآن فرض الحلول المنطقية لكل مشكلة و اختيار الانسب للتطبيق من بينها ، و كون المشاكل المتعلقة بالمضائف لا تتعلق بفكرة المضيف بل بـممارسات متعلقة بالأركان الأربعة المذكورة سابقًا ، و ذلك يعني أن الحل لا يكون إغلاق المضائف أو التخلص منها و إنما إيجاد طرق لتقويم تلك التصرفات و جعلها صحيحة فلا توجد مشكلة حينئذ.

و بالرجوع للمشكلات التي تم حصرها نراها شبه متشعبة و كل مشكلة متعلقة بركن مختلف و قد لا يكون هناك رابط بين هذه و تلك ، و بإتباع أسلوب حل المشكلة المذكور سابقًا سنحتاج لعنوان أو مصطلح يشمل تلك المشكلات جميعها تحته فيكون جامعًا لهم ، و بالتالي سنكون قد حصرنا المشكلة في كلمة أو اثنتين -و هذه أولى طرق حل المشكلة-.
و قد نتمكن من إيجاد ذلك المصطلح إذا ما أيقنا أن كل ركن من تلك الأركان يؤدي عمل و وظيفة معينة كما له دور لإكمال صورة العمل المضيفي ، و إن كل ركن عامل هنا ثمة ما يحركه و هو"الهدف" ، فالهدف هو الغاية المرادة و النتيجة المنشودة من خلف كل عمل أو تحرك ، و ذلك لا يشمل الأركان الأربعة فقط بل كل عمل في هذه الدنيا.

عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، كلها مشكلات نشأت بفعل التغافل أو الجهل بأهداف المضيف الأساسية و الحالية ، و ذلك لأن هذه الأركان أدت دورًا لا يوصلها لذات الغاية التي من المفترض أن تصل لها ، كيف ؟

المضيف كهدف لم يكون ليزعج الأهالي ، فإزعاج الأهالي لا يتماشى و هدفه. المضيف لم يكن ليسمم أحدًا بطعام أو شراب ، فحدوث ذلك لا يتماشى و أهداف المضيف ! و قس على ذلك بقية المشكلات التي تمكنت من ذكرها أو لا ، و هنا نستطيع التوصل إلى أن للمضائف أهداف قامت من أجلها و جهل العاملين بها أو الطرف الآخر -المحايد أو المعارض- يخلق مشكلات لا ينبغي لها أن تكون موجودة ، فلو أمعنا النظر في كل مشكلة نجد إنها تناقض أحد تلك الأهداف و عدم نقضها لتلك الأهداف لا تجعل منها مشكلة ، و بالتالي نستطيع حصر المشكلة في دائرة تسمى "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية".

و بحصر المشكلة سيكون قد خطونا أول خطوة لحل تلك المتاعب الشائكة الملتفة حول المضائف و التي تتمثل بعنوان  "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" و هي المولد الأساسي لأي مشكلة في هذا الجانب. و لنتمكن من حل المشكلة علينا الوقوف على تللك الأهداف و دراستها.
 و بعد حرصنا المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم إتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! فلنواصل اذًا في إيجاد حل لهذه المشكلات  و لنخطو خطوات الحل .. 

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلا التعّرف على هذه الأهداف، سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت إنه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما إذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءً من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم، و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا إقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و إحياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب إحياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف إحياء ذكر أهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن أن تعترض هذه المضائف و اختيار الأنسب مما بينها للتطبيق ، و بعد أن عرّفنا الأهداف المضيفية التي بإنعدام وجودها أو الجهل بها تُختلق المشكلات المؤثرة على المضيف ، و تبعًا للطريقة التي نعتمدها في اسلوب حل المشكلات بقت علينا آخر خطوتين و هي افتراض الحلول و اختيار الانسب للتطبيق ، فلنخطوها ..

الطريقة لحل المشكلة هي التعريف بهذه الأهداف و هذا ما اتفقنا عليه مسبقًا ، لذلك فإن حل هذه القضية سيكمن بطريقة نشر تلك الأهداف و توعية الآخرين بها. و هنا نقف عند عدة طرق ، فالجماعات ممكن لها أن تقوم بتوعية الناس ، كما ان الأفراد يمكنهم فعل أيضًا ، ناهيك عن كون المضيفات في وسائل الاتصال و غيرها من الممكن أن تنشر هذه الاهداف و تدعوا للعمل بها من قبل طاقمها المضيفي او حتى الآخرين ، لكن ثمة فكرة أخيرة لم تكن موجودة مسبقًا لربما ، هي وجود لجنة للمضيف كما هو الحال للجان العزاء و الثقافة و غيرها في الجمعيات الحسينية.

إن أفضل الحلول هو وجود لجنة للمضيف ، لماذا ؟ و ما هي طريقة عملها ؟ و هيكلتها ؟
لجنة مضيفية تضم فردًا واحدًا من كل مضيف في القرية ، و يكون عملها قائم على مراقبة عمل المضيفات و التنسيق في ما بينها ، بالإضافة لجعل العاملين بالمضيف يؤدون أعمالهم بما يتماشى و أهداف المضائف ، فضلًا عن كونها مرجع للمشكلات المتعلقة بالمضائف ، و ذلك لضمان جودة العمل و تحصين فكرة المضيف و أهدافه في إيطار الخدمة الحسينية ، بهذا الشكل سيكون للجنة مكانة عند كل الأفراد و المضيفات يسمح لها بنشر المنشورات التوعوية و التي تحد من المشكلات المضيفية ، كما يسمح لها بتوجيه العمل المضيفي و توزيع المضائف على مستوى القرية بأكملها ، و بوجود لجنة للمضيف ستقل عدد المشكلات و قد تتلاشى مع مرور الوقت.

إشكالات قد نراها صعبة و لكنها بسيطة جدًا ان ما كانت هناك لجنة -هذا الدليل على كون فكرة اللجنة هي الأنسب- ..
•"خمسين الف مضيف في الديرة ، مي حالة دي !!" 
حسنًا لنرى ، إن كانت هناك لجنة توزع هذه المضيفات على القرية بأكملها ستقل لدينا ظاهرة خمسة مضائف في بقعة واحدة أو ٥٠ مضيف في قرية واحدة صحيح ؟ فهذه اللجنة ممكن ان تنسق حتى مع اصحاب المضيفات الجديدة و القديمة لضبط عدد المضيفات في القرية.

•"بنات واجد يجون عند المضيف و خلط ، بالله عليك هي حالة اسلام ؟؟!"
لا بأس ، هذه مشكلة بسيطة و لا صعوبة فيها ، نستطيع حلها بدون الحاجة للجنة اساسًا ؛ هناك ثلاث جهات للتوزيع في اغلب المضائف ، فإن جعلنا جهة للنساء و اثنتين للرجال سننهي هذه المشكلة ! و دور اللجنة هنا وضع منشورات توعوية و ارشاد الافراد لذلك و جعل اصحاب المضائف حريصين على عدم حدوث هذه المشكلة.

•"القاري يقرا و برة سوالف و المضيف مو مخلنا نتسمع !"
هناك حلين ، الاول تنسيق بين المضيف و المأتم يضمن عدم حدوث ذلك وقت القراءة و ذلك من خلال التحكم في وقت فتح و اغلاق المضيف. الثاني و هو من مهام اللجنة ؛ حيث تختار اللجنة مكان افضل لهذا المضيف من مجاورته للمأتم لعدم ازعاج الخطيب أو المستمعين ، كما تنشر اللجنة ما يبين أهمية المجالس الحسينية و ضرورة الاستماع لها و عدم ازعاجها بأي شكل من الأشكال.

•"يخلون المواتم و العزيات و بس يروحون هالمضيفات ، وش فايدتها خل يقفلونها..!"
ألا ترون أن في ذلك فائدة للمضيف ؟ و هذا شيء ايجابي لا سلبي ؟ حسنًا سأوضح لإني أعلم أن البعض لم يفهم ما أود قوله .. الشاب علي سامي شاب لا يحب الذهاب للمآتم و لا يحب المشاركة في المواكب ، البيئة التي عاش فيها لم تربيه على ذلك و بعد تعرفه على أصدقاء لديهم مضيف صار يرتاد على هذا المضيف معهم و يخدم الحسين كما يفعل أصدقاؤه ، نموذج علي هذا ألا يُعّبر عن المضيف فيه طريق للحسين ؟ ألا يعبر عن علي إنه بدأ يفقه ما هو الحسين و ماهي الخدمة و ما وما من خلال المضيف ؟! إذًا فالمضيف لا يبعد الناس عن الحسين بل يقربهم منه و لكن بطريقة مختلفة عن المآتم و المواكب ، بالإضافة لذلك يمكن لأصحاب علي اصطحابه للمأتم و للموكب مرة تلوى الأخرى حتى يحب الارتياد لها كما أحب الارتياد للمضيف ، و يمكننا القول إن بإمكان المضيف أن يكون طريق الشاب الغير واعي للوعي ، و ليس الطريق الوحيد كما إنه أحد الطرق للصعود لسفينة أبي عبدالله الحسين (ع). نحتاج لتوجيه هذه الجماعات باللين و الكلمة الطيبة الجميلة التي تحببهم في المآتم و المواكب الحسينية لا اقفال المضيف و اجبارهم على الذهاب للمآتم و المواكب ، لن يستجيبوا حينها ! 

هذه و غيرها من الإشكالات التي نستطيع حلها بطول البال و التفكير في حلول تعالج المشكلات لا اقتلاع المضيف ! و اللجنة خير و سيلة و جهة قادرة على فعل ذلك ، سيبقى الآن على الجهات المعنية اخذ الموضوع بعين الإعتبار و التفكير في هذه الفكرة لحل هذه القضية الشبة شائكة.

كل ما عرضته هو وجهة نظري و قراءتي للموضوع كما انقل ذلك كوني انتمي لأحد هذه المضيفات و أعمل لخدمة المولى و لا أريد التوقف عن ذلك و لا أريد لمضيفي أن يُغلق بسبب ممارسات من البعض تحسب على المضائف كلها ، و أنا ناقص علم و هذا حد اطلاعي ، فكل من لديه حل أكثر واقعية من ذووي الشأن فليطرحه و لنعرضه للتجربة و لنجد معًا حلًا نافعًا يميت تلك المشكلات و تقضي عليها نهائيًا .. و لا يظن أحد إنني أبرر بعض التصرفات و اوصفها بالصحة ، الخطأ خطأ و يجب تصحيحه و تصحيحه لا بالتأجيج و الضدية بل بالرواق و الهدوء و الحلم و لنضع في بالنا تلك العبارة القائلة :لكل داء دواء.

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (4) - جزء افتراض الحلول و تطبيقها"



عرّفنا في المقال السابق الأهداف المضيفية التي بإنعدام وجودها أو الجهل بها تُختلق المشكلات المؤثرة على المضيف ، و تبعًا للطريقة التي نعتمدها في اسلوب حل المشكلات بقت علينا آخر خطوتين و هي افتراض الحلول و اختيار الانسب للتطبيق ، فلنخطوها ..

الطريقة لحل المشكلة هي التعريف بهذه الأهداف و هذا ما اتفقنا عليه مسبقًا ، لذلك فإن حل هذه القضية سيكمن بطريقة نشر تلك الأهداف و توعية الآخرين بها. و هنا نقف عند عدة طرق ، فالجماعات ممكن لها أن تقوم بتوعية الناس ، كما ان الأفراد يمكنهم فعل أيضًا ، ناهيك عن كون المضيفات في وسائل الاتصال و غيرها من الممكن أن تنشر هذه الاهداف و تدعوا للعمل بها من قبل طاقمها المضيفي او حتى الآخرين ، لكن ثمة فكرة أخيرة لم تكن موجودة مسبقًا لربما ، هي وجود لجنة للمضيف كما هو الحال للجان العزاء و الثقافة و غيرها في الجمعيات الحسينية.

إن أفضل الحلول هو وجود لجنة للمضيف ، لماذا ؟ و ما هي طريقة عملها ؟ و هيكلتها ؟
لجنة مضيفية تضم فردًا واحدًا من كل مضيف في القرية ، و يكون عملها قائم على مراقبة عمل المضيفات و التنسيق في ما بينها ، بالإضافة لجعل العاملين بالمضيف يؤدون أعمالهم بما يتماشى و أهداف المضائف ، فضلًا عن كونها مرجع للمشكلات المتعلقة بالمضائف ، و ذلك لضمان جودة العمل و تحصين فكرة المضيف و أهدافه في إيطار الخدمة الحسينية ، بهذا الشكل سيكون للجنة مكانة عند كل الأفراد و المضيفات يسمح لها بنشر المنشورات التوعوية و التي تحد من المشكلات المضيفية ، كما يسمح لها بتوجيه العمل المضيفي و توزيع المضائف على مستوى القرية بأكملها ، و بوجود لجنة للمضيف ستقل عدد المشكلات و قد تتلاشى مع مرور الوقت.

إشكالات قد نراها صعبة و لكنها بسيطة جدًا ان ما كانت هناك لجنة -هذا الدليل على كون فكرة اللجنة هي الأنسب- ..
•"خمسين الف مضيف في الديرة ، مي حالة دي !!" 
حسنًا لنرى ، إن كانت هناك لجنة توزع هذه المضيفات على القرية بأكملها ستقل لدينا ظاهرة خمسة مضائف في بقعة واحدة أو ٥٠ مضيف في قرية واحدة صحيح ؟ فهذه اللجنة ممكن ان تنسق حتى مع اصحاب المضيفات الجديدة و القديمة لضبط عدد المضيفات في القرية.

•"بنات واجد يجون عند المضيف و خلط ، بالله عليك هي حالة اسلام ؟؟!"
لا بأس ، هذه مشكلة بسيطة و لا صعوبة فيها ، نستطيع حلها بدون الحاجة للجنة اساسًا ؛ هناك ثلاث جهات للتوزيع في اغلب المضائف ، فإن جعلنا جهة للنساء و اثنتين للرجال سننهي هذه المشكلة ! و دور اللجنة هنا وضع منشورات توعوية و ارشاد الافراد لذلك و جعل اصحاب المضائف حريصين على عدم حدوث هذه المشكلة.

•"القاري يقرا و برة سوالف و المضيف مو مخلنا نتسمع !"
هناك حلين ، الاول تنسيق بين المضيف و المأتم يضمن عدم حدوث ذلك وقت القراءة و ذلك من خلال التحكم في وقت فتح و اغلاق المضيف. الثاني و هو من مهام اللجنة ؛ حيث تختار اللجنة مكان افضل لهذا المضيف من مجاورته للمأتم لعدم ازعاج الخطيب أو المستمعين ، كما تنشر اللجنة ما يبين أهمية المجالس الحسينية و ضرورة الاستماع لها و عدم ازعاجها بأي شكل من الأشكال.

•"يخلون المواتم و العزيات و بس يروحون هالمضيفات ، وش فايدتها خل يقفلونها..!"
ألا ترون أن في ذلك فائدة للمضيف ؟ و هذا شيء ايجابي لا سلبي ؟ حسنًا سأوضح لإني أعلم أن البعض لم يفهم ما أود قوله .. الشاب علي سامي شاب لا يحب الذهاب للمآتم و لا يحب المشاركة في المواكب ، البيئة التي عاش فيها لم تربيه على ذلك و بعد تعرفه على أصدقاء لديهم مضيف صار يرتاد على هذا المضيف معهم و يخدم الحسين كما يفعل أصدقاؤه ، نموذج علي هذا ألا يُعّبر عن المضيف فيه طريق للحسين ؟ ألا يعبر عن علي إنه بدأ يفقه ما هو الحسين و ماهي الخدمة و ما وما من خلال المضيف ؟! إذًا فالمضيف لا يبعد الناس عن الحسين بل يقربهم منه و لكن بطريقة مختلفة عن المآتم و المواكب ، بالإضافة لذلك يمكن لأصحاب علي اصطحابه للمأتم و للموكب مرة تلوى الأخرى حتى يحب الارتياد لها كما أحب الارتياد للمضيف ، و يمكننا القول إن بإمكان المضيف أن يكون طريق الشاب الغير واعي للوعي ، و ليس الطريق الوحيد كما إنه أحد الطرق للصعود لسفينة أبي عبدالله الحسين (ع). نحتاج لتوجيه هذه الجماعات باللين و الكلمة الطيبة الجميلة التي تحببهم في المآتم و المواكب الحسينية لا اقفال المضيف و اجبارهم على الذهاب للمآتم و المواكب ، لن يستجيبوا حينها ! 


هذه و غيرها من الإشكالات التي نستطيع حلها بطول البال و التفكير في حلول تعالج المشكلات لا اقتلاع المضيف ! و اللجنة خير و سيلة و جهة قادرة على فعل ذلك ، سيبقى الآن على الجهات المعنية اخذ الموضوع بعين الإعتبار و التفكير في هذه الفكرة لحل هذه القضية الشبة شائكة.

كل ما عرضته في هذه المقالات هو وجهة نظري و قراءتي للموضوع كما انقل ذلك كوني انتمي لأحد هذه المضيفات و أعمل لخدمة المولى و لا أريد التوقف عن ذلك و لا أريد لمضيفي أن يُغلق بسبب ممارسات من البعض تحسب على المضائف كلها ، و أنا ناقص علم و هذا حد اطلاعي ، فكل من لديه حل أكثر واقعية من ذووي الشأن فليطرحه و لنعرضه للتجربة و لنجد معًا حلًا نافعًا يميت تلك المشكلات و تقضي عليها نهائيًا .. و لا يظن أحد إنني أبرر بعض التصرفات و اوصفها بالصحة ، الخطأ خطأ و يجب تصحيحه و تصحيحه لا بالتأجيج و الضدية بل بالرواق و الهدوء و الحلم و لنضع في بالنا تلك العبارة القائلة :لكل داء دواء.

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"



حصرت في المقال السابق المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم اتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! و مواصلةً في ايجاد حل لهذه المشكلات  نخطوا خطوات الحل في هذا المقال بإذن الله ..

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلى التعّرف على هذه الأهداف. سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت انه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما اذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءًا من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم. و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا اقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و احياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب احياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف احياء ذكر اهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن ان تعترض هذه المضائف و اختيار الانسب مما بينها للتطبيق ، و هذا ما سنتناوله في المقال القادم ..

الجمعة، 13 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (3) - جزء الحل"


حصرت في المقال السابق المشكلة في عنوانٍ هو "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" ، و وضحنا مفهوم هذه العبارة التي تعني الجهل بهذه الأهداف و عدم إتباعها من الطرفين -المعارض و المؤيد للمضائف- يتسبب بخلق مشكلات يجب ألا تكون موجودة ! و مواصلةً في إيجاد حل لهذه المشكلات  نخطو خطوات الحل في هذا المقال بإذن الله ..

لكون المشكلة هي عدم مراعاة و جهل بهذه الأهداف فالحل بسيط و واضح و هو التوعية بهذه الأهداف و أخذها بعين الإعتبار عند كل الأطراف ، و ما علينا الآن إلا التعّرف على هذه الأهداف، سبق و إن ذكرت مصطلح الأهداف الأساسية و الحالية في العنوان الذي افترضت إنه جامع للمشكلات كلها ، هل هذين المصطلحين يمثلون الأهداف التي نسعى للتعريف بها أم لا ، لنزيل الغموض عن هذين المصطلحين إذًا و نتعرف ما إذا كانوا كذلك أم لا  .. 

تنقسم أهداف المضائف لقسمين :-
*أساسية : و هي التي كانت مع بدايات تكون أولى المضائف على مستوى العالم الشيعي ، ابتداءً من كربلاء لخدمة الزوار و تقديم الطعام ، الشراب و توفير سبل الراحة لهم، و هذه الأهداف موجودة حاليًا في كل مضيف ، و هي التي لا تتغير و لا تستحدث عبر مرور الزمن لكونها رئيسية ؛ فلا وجود لمضيف لا يمتلك هذه الأهداف و لا يقوم بها ، وهذا يشمل طبعًا المضائف التي تمتلك و التي لا تمتلك الدعم المالي الكافي لإنشاء برامج مختلفة أو توفير خدمات أخرى.
و قد تكون الأهداف الأساسية للمضائف مختلفة تبعًا لمكان تواجد المضيف ؛ فالمضائف في كربلاء قد توفر مكان للنوم للزائرين و لا توفر ذلك المضائف الموجودة في القرى البحرينية مثلًا.

*حالية : و هي المستحدثة مع تطور المعيشة و دخول وسائل الإتصال الحديثة في جانب الخدمة الحسينية ؛ فالمضائف اليوم لها أهداف لا تقتصر على تقديم الطعام فقط بل أيضًا إقامة برامج دينية و ثقافية توعوية لمختلف الفئات العمرية فضلًا عن تربية الجماعات الصغيرة -خصوصًا- على خدمة أبي عبدالله الحسين (ع) ، بالإضافة لخدمة مواكب العزاء ، كما استحدثت الأيام لنا هدف جديد -حالي النوع- ، و علينا الإلتفات لهذا الهدف الحالي المهم جدًا و جعله من أهداف كل المضائف الحالية في كل بقعة ، و هو توجيه الشباب و إيداع الفكر الحسيني بداخلهم.
و لا وجود لهذه الأهداف في المضائف السابقة و لا حتى في المضائف التي لا تمتلك دعمًا ماديًا قويًا ، و علينا معرفة إن هذه الأهداف وجدت بفعل الحياة المعيشية المعاصرة و الحياة الإجتماعية المختلفة عن الأزمنة السابقة ، و هي و بلا شك تصب في مجال خدمة الإمام و إحياء أمره و التوعية بأهداف ثورته و أهل بيت النبوة الأطهار -و هذا مما لا شك فيه-.

بالإضافة لهذين النوعين من الأهداف لا ننسى هدفه في جانب إحياء ذكر أهل البيت و مواساتهم ، فالمضائف اليوم أصبحت من المظاهر العاشورية التي يتسابق خدام الحسين لفتح الابواب و ذكر الحسين عليه السلام ، و يمكننا ملاحظة ذلك جيدًا في بدايات شهر محرم الحرام من كل عام.
و المضيف في هذا الوقت يحتاج لأن يكون جامعًا لهذين النوعين من الأهداف بدون الابتعاد عن هدف إحياء ذكر أهل البيت و خدمتهم ، الأمر الذي من شأنه جعل المضيف فعلًا مكانًا راقيًا و وسيلة ناجحة لبث الفكر الحسيني و خدمة النهج الحسيني الثابت.

بعد معرفتنا بهذه الأهداف سنكون قاب قوسين أو أدنى من انتهاء هذه المشكلة ، و لن يبقى علينا إلا افتراض الحلول المناسبة لكل مشكلة ممكن أن تعترض هذه المضائف و اختيار الأنسب مما بينها للتطبيق ، و هذا ما سنتناوله في المقال القادم ..

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - ضدية المضائف في ساحة المناقشة (2) - جزء حصر المشكلة"


تحدثت في المقال السابق عن كون المشاكل المتعلقة بالمضائف لا تتعلق بفكرة المضيف بل بـممارسات متعلقة بالأركان الأربعة المذكورة سابقًا ، و ذلك يعني أن الحل لا يكون إغلاق المضائف أو التخلص منها و إنما إيجاد طرق لتقويم تلك التصرفات و جعلها صحيحة فلا توجد مشكلة حينئذ.

و بالرجوع للمشكلات التي تم حصرها في المقال السابق نراها شبه متشعبة و كل مشكلة متعلقة بركن مختلف و قد لا يكون هناك رابط بين هذه و تلك ، و بإتباع أسلوب حل المشكلة المذكور سابقًا سنحتاج لعنوان أو مصطلح يشمل تلك المشكلات جميعها تحته فيكون جامعًا لهم ، و بالتالي سنكون قد حصرنا المشكلة في كلمة أو اثنتين -و هذه أولى طرق حل المشكلة-.
و قد نتمكن من إيجاد ذلك المصطلح إذا ما أيقنا أن كل ركن من تلك الأركان يؤدي عمل و وظيفة معينة كما له دور لإكمال صورة العمل المضيفي ، و إن كل ركن عامل هنا ثمة ما يحركه و هو"الهدف" ، فالهدف هو الغاية المرادة و النتيجة المنشودة من خلف كل عمل أو تحرك ، و ذلك لا يشمل الأركان الأربعة فقط بل كل عمل في هذه الدنيا.

عدم جودة بعض الأطعمة / تأخر بعض المضائف في إغلاق المضيف و ازعاج البيوت القريبة من المضيف / تعتبر محلًا -أحيانًا- لإزعاج الخطيب الحسيني في المأتم و المستمعين في المأتم ، كلها مشكلات نشأت بفعل التغافل أو الجهل بأهداف المضيف الأساسية و الحالية ، و ذلك لأن هذه الأركان أدت دورًا لا يوصلها لذات الغاية التي من المفترض أن تصل لها ، وضح .. 

المضيف كهدف لم يكون ليزعج الأهالي ، فإزعاج الأهالي لا يتماشى و هدفه. المضيف لم يكن ليسمم أحدًا بطعام أو شراب ، فحدوث ذلك لا يتماشى و أهداف المضيف ! و قس على ذلك بقية المشكلات التي تمكنت من ذكرها أو لا ، و هنا نستطيع التوصل إلى أن للمضائف أهداف قامت من أجلها و جهل العاملين بها أو الطرف الآخر -المحايد أو المعارض- يخلق مشكلات لا ينبغي لها أن تكون موجودة ، فلو أمعنا النظر في كل مشكلة نجد إنها تناقض أحد تلك الأهداف و عدم نقضها لتلك الأهداف لا تجعل منها مشكلة ، و بالتالي نستطيع حصر المشكلة في دائرة تسمى "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية".

و بحصر المشكلة سيكون قد خطونا أول خطوة لحل تلك المتاعب الشائكة الملتفة حول المضائف و التي تتمثل بعنوان  "الإخلال بأهداف المضيف الأساسية و الحالية" و هي المولد الأساسي لأي مشكلة في هذا الجانب.
و لنتمكن من حل المشكلة علينا الوقوف على تلك الأهداف و هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله ..

الاثنين، 9 نوفمبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية غير المباشرة (4) - رسالة السجاد"



مرت علينا ذكرى استشهاد الإمام علي بن الحسين عليه السلام المستشهد في الخامس و العشرين من شهر محرم الحرام ، شهر الأحزان و المصائب.
و لا يخفى على الجميع بما اشتهر به هذا الإمام الذي تم تلقيبه بالسجاد و زين العابدين ، و نحن لهذا اليوم نقرأ تلك الأدعية و تلك المناجات و التي ندرجها في كتب أدعيتنا و برامج أجهزتنا ، فما رسالة الإمام العابد غير المباشرة ؟ و ما علاقتها بتلك الأدعية ؟

تلك الأدعية و المناجات تمثل الرسالة كاملة ، عنوانها و فحواها - فالعنوان واضح جدًا و هو الدعاء ، أما فحوى الرسالة فتحتاج لتأمل منّا قليلًا .. 
ألم تتوقفوا يومًا عن قراءة هذه الأدعية و بدأتم بالتفكير فيها و ما يقال فيها أتجدون ذلك يتفق و شخص الإمام ؟ كمثلاً  قوله عليه السلام في مناجاة التائبين "إلهي ألبَسَتني الخطايا ثَوبَ مَذَلَّتي" ! هو معصوم فكيف يخطأ ! عن أي خطايا يتحدث الإمام ؟! حسنًا إليكم المزيد في مناجاة الشاكين حين يقول "إلهي أشكو إلَيكَ عَدوَّا يُضِلُّني وَشَيطاناً يُغويني قَد مَلأ بالوَسواسِ صَدري وَأحاطَت هَواجِسُهُ بِقَلبي" !! سيدي و مولاي يا زين العابدين مالذي تقوله ؟! بأبي أنت و أمي أنت يا سيدي صدرك مملوء بالإيمان فعن أي شيطان و هوى تتحدث ؟ 

الإمام ليس عاصٍ لله عز وجل و هو لم يعصه طرفة عين ، و لكن الإمام و رغم كونه إمام و معصوم عن الخطأ -له عصمة مطلقة و هو يعلم بذلك- يخاف الله كأنه عاصٍ له و يخاطبه بلسان المخطأ الذي ملأته المعاصي من رأسه لقدميه ، و مناجاة الخائفين تمتلك ما يدعم ذلك و ذلك حين يقول عليه السلام "إلهي أجِرني مِن أليمِ غَضَبِكَ وَعَظيمِ سَخَطِكَ".
و هنا تكمن فحوى هذه الرسالة أعزائي ، أجل إن فحوى هذه الرسالة تتحدث عن أسلوب الدعاء و لسان مخاطبة الله عز وجل ؛ فالأئمة الأطهار و منهم الإمام زين العابدين يمتلكون تلك الميزة التي لا تمتلكها ألسنتنا ، و لذلك فإن الأدعية المأثورة و المنقولة عن الأئمة الأطهار أنفع ؛ لكونها تحاكي الله بأسلوب يليق به كـرب ، لأنهم يعرفون كيف يخاطبون الله.

كما نتأمل في القرآن فلنتأمل في هذه الأدعية ، فهي سلاحنا في هذا الزمن و ما أشبه حال إمامنا بحالنا ، و ما قاساه من ألم و عذاب بلوعة فقد أبيه الحسين عليهما السلام ، و نحن بواقع الحال نحتاج إلى مثل هذه الأدعية لنتقرب لله أكثر و أكثر أيضًا كما نحتاجها لنزيد حبًا فيه و نخاطبه بلسان العارفين به.
فهذه هي رسالة الإمام غير المباشرة بعنوان الدعاء ، و بفحوى أن هناك لسان نخاطب به الله عز وجل هو لسان الخائف المخطئ التائب الراجي من الله العفو و المغفرة الذاكر للمعاصي لا العبادات ، و كما نعلم جميعًا أن سلاح المؤمن هو الدعاء.

الأحد، 1 نوفمبر 2015

"الشعب الصيني في سطور .."


عند حديثنا عن كل بلد في هذا العالم لابد لنا أن نتوقف عند محطة شعب هذا البلد ، فالشعب هو المرآءة التي يُكسب البلد سمعته و هو الموتور المتحرك الخادم في مختلف أوساطه ، و من بين جميع بقاع العالم أختار بلدة الصين -التي أدرس بأحد جامعاتها- للتحدث عن شعبها و أطرح مواقف متنوعة عنهم .. 

بعد سنتين من حياتي في هذا البلد و بين مختلف أطيافه أستطيع القول إن الشعب الصيني شعب محترم و خلوق و يحب الإلتزام كثيرًا ، و ذلك لا ينفي وجود صفات سلبية و أحيانًا مزعجة فيه ! حسنًا لن أسرق من حديثي حلاوته ، سأخذكم في جولة مع ذووي العيون الغريبة -المسموتة- لنكتشف بعضًا من تلك الصفات .. 

كان وقتًا متأخرًا و كنت عائدًا من أحد المحلات التجارية حاملًا من الأمتعة ما يؤلم ظهري ، أسير لخطوات و من ثمة أتوقف ، كنت انتظر رؤيتي لبحريني يمر و يسألني إن كنت بحاجة لمساعدة ، لن أقول "لا شكرًا" هذه المرة ، فأنا احتاج فعلًا ! وقفت امرأة بيدها طفلًا و يبدوا إنهما عائدان لمنزلهما ، بينما كانا مارين تساقطت أمتعتي على الأرض ، سارعت هي و ابنها لإلتقاطهما و من ثمة ساعدوني حتى عبرت الشارع ، كان طريق منزلهما مختلف عن طريق العودة للجامعة -مشكلة صحيح ؟- ، حسنًا شكرًا جزيلًا ، اذهبا و سأتابع طريقي حاملًا هذه الأمتعة بمفردي ، لم امكث كثيرًا حتى رمقني أحد المارة و جاء مسرعًا فساعدني في حمل الأغراض حتى بلغت غرفتي في مبنى الطلبة الأجانب في الطابق الثالث -مافي لفت في المبنى مالنا!- كان عملًا مذهلًا ! شكرًا له.

هم يخدمون بشكل كبير ، و يساعدون الغير حتى و إن لم يكن صينيًا ، لكن عقلهم قد يكون مختلفًا عن البقية أحيانًا ! كيف ؟ فليجبك هذا المثال ، تخيل إن عندك ثلاث مناطق : شرقية جنوبية و غربية ، إن كنت في المنطقة الشرقية و لديك طريق يمر بالمنطقة الجنوبية ثم يذهب للغربية و طريق آخر مختصر يأخذك من الشرقية للغربية مباشرة دون الحاجة للمرور بالمنطقة الجنوبية ، أي الطريقين تختار ؟ لا داعي للإجابة نحن نعلم الإجابة لكن الشعب الصيني له إجابة مختلفة في ذلك ، فلا تستغرب إن عبروا الطريق المار بالمنطقة الجنوبية ! إنهم كذلك ، معقدون في التفكير أحيانًا .. و مما يجعلهم معقدين في نظرنا كذلك التزامهم بالأنظمة و القوانين و حرصهم على تنفيذها خصوصًا تلك المتعلقة بالعمل.

و مما يميز الشعب الصيني ، طيبته و شفافيته التي تعتقد من خلالها إنهم مغفلون أحيانًا. تعجبني شفافيتهم ، تراهم صادقين في كل شيء متعلق بأمورهم الحياتية و الفكرية ، إلا أمر واحدًا ، فهم يحبون المال كثيرًا ! أجل كثيرًا كثيرًا ، و لا مانع عندهم أن يكذبوا عليك إن رأووك أجنبيًا .. فقط عليك أن تعرف قيمة العملة الصيني (اليوان الصيني) و لن تواجهك مشكلة في ذلك ، و إن أردنا أن نقارن حبهم للمال بحب آخر يفوقه فهو حبهم لآبائهم الذي و بكل صراحة يفوق حب الكثيرين من أبناء بلدي ، يبرون بآبائهم و آباء آبائهم بشكل واسع ، و ذلك قد يعود للمنزل الذي يحوي العائلة جميعًا و أيضًا للقانون الذي بدأ يقصّر عدد أفراد الأسرة.

الرياضة ؟ هم أبطال في الأولمبيات ، ولا اعتقد أن أحد يجهل مهارتهم في رياضة تنس الطاولة ، يمتازون برياضاتهم الصباحية و المسائية ؛ فالشباب و الشيوخ يركضون حول الملعب ، و المتقدمات في السن مع الشابات يقومون برقصة غريبة جدًا تراها في وقت المساء غالبًا ، و أكثر ما يزعجنا في ذلك تلك الأغاني التي يسمعها المتقدمون في السن ، اظن إنها أمرأة فاقت الثمانين و تحاول أن تغني بنمط الأوبرا ! -توقفي صوتك مقزز-
و كون الصين بلدًا شيوعيًا فلا ديانة محددة فيه ، و مع تواجد مسلمين إلا أن نسبة البوذيين و بقية الديانات ليست قليلة أيضًا ، و بشكل عام هم يحترمون كل المعتقدات و الديانات و لا يتعاملون مع هذا و ذاك بناءً على الدين أو المذهب ، بل و يحترمون أكثر الملتزم بدينه ، لحظة نسيت أن أقول شيئًا ! هم فضوليين جدًا ؛ فمن الطبيعي أن تراهم يحدقون بشاشة هاتفك أثناء استخدامك له ، لا تغضب فهم لا يجيدون العربية -هههه فضول بس !-