الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

"سهام الوعي - الرسائل العاشورية الغير مباشرة (٢) - رسالة العباس"

نعزيكم بذكرى استشهاد باب الحوائج و كفيل أم المصائب ، عضيد أبي عبدالله العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، و نحاول تطبيق الدروس المتعلمة من هذا المعلم الجليل الذي أعطى أقيم الدروس في يوم عاشوراء -أو ما قبل-.

قام العباس (ع) بالكثير من المواقف الملهمة للدروس ، فلا بد ان نلتفت لها و نضعها تحت المجهر للتأمل و التفكر فيها ..
أولى تلك المواقف هي موقفه عليه السلام الذي كان حين جاء شمر و الأعداء منادين إياه لإعطاءه الأمان ، وذلك بشرط أن يترك الحسين و يذهب فالحسين عندهم لا أمان له ، فكان رده تاريخي معبر إنه باق مع الحسين حتى الموت ، فطمأن قلب زينب و أم البنين و الباقين بهذا التصرف.

ثاني المواقف و التي تعتبر من أعظمها ، هي موقفه عليه السلام حين فرق القوم و نزل للمشرعة قاصدًا ملأ القربة ، و بعد اختلاط مشاعر العطش بحرارة الشمس و بُرد أدنى الماء من فمه لكنه القاه ولم يشرب ، لأنه تذكر عطش أخيه الحسين و قال لنفسه المقولة المشهورة له "يا نفس من بعد الحسين هوني ، و بعده لا كنت أو تكوني" ، و يشتد الأمر في موقفه الثالث حين امتنع عن شرب الماء بعد موته بعدما قَدِم له الإمام أمير المؤمنين و الرسول الأعظم محمد (ص) لسقيه -ما أخلصه-.

كل تلك المواقف و غيرها لها دلالات و تحمل رسائل غير مباشرة ، و لنستخلص أحد هذه الدلالات علينا معرفة من هو الحسين -الذي ضحى العباس له بكل شيء و قام بالكثير من المواقف لأجله- بالنسبة لأبي الفضل ، هو إمامه و سيده و مولاه و إمام زمانه قبل أن يكون أخيه في الحياة ، و هذا يفسر سبب مناداته للحسين طوال عمره سيدي و مولاي بدلًا من أخي ، فالحسين في نظر أبي الفضل إمام زمانه المفترض الطاعة ؛ فمواقفه المذكورة أعلاه و غيرها من المواقف المنسوبة له تدل على إخلاص هذا الرجل لإمام زمانه و هذه هي الرسالة التي أراد إيصالها العباس لنا.

نحن أيضًا لنا إمام زمان و هو غائب ، نحن مقصرون في حقه و ينقصنا الإخلاص له في تصرفاتنا و أقوالنا ، فيذكر عنه (عج) أنه قال في أحد خطبه "و لو أن أشياعنا -وفقهم الله لطاعته- على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم ، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ، و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا ، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكره و لا نؤثره منهم..." ، فلأي حد نؤذيه بتصرفاتنا هذه ؟

لنفتح صفحة جديدة مع الإمام صاحب العصر و الزمان (عج) نعاهده فيها أن نحاول قدر الإمكان ترك هذه التصرفات و الإخلاص له لأنه إمام زماننا وحجة الله علينا  ، إمام الزمان الذي كثُرت فيه النزاعات و التفرقات ، و زادت فيه الفتن و نحن بإذن الله المخلصون لك يا مولاي يبن الحسين ، مقتدين بعمك أبي الفضل العباس حتى ننال مثل ما ناله من رفعة في الدنيا و درجة عالية في الآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق