الثلاثاء، 26 مايو 2020

"واقع ما نقول أمام حقيقة ما يحدث يكشف تناقض كبير يجب الإلتفات له في زمن الكورونا"

رياح الكورونا حطّمت النوافذ و حتى الأبواب المغلقة ، أصبح الوضع مخيف أكثر من السابق بسبب تفشي المرض في الأوساط الإجتماعية ، و في الوقت الذييكشف لنا الكورونا تراجع الثقافة العالية و الوعي لدى المجتمع يكشف كذلك تناقض بين الفعل و القول ، تناقض خطير يجب وضعه على طاولة المصارحة والنقاش ! 


نحن اليوم ننتظر ظهور المخلص الموعود ، امام زماننا الحجة القائم المهدي (عج، و نبذل كل ما نملك في سبيل رضاه و التمهيد لظهوره المقدس و الذي ينتظرهالعالم أجمعفمن أحد جوانب التمهيد التي لا تخفى على أحد هي اتباع قولهم عليهم السلام و الإمتثال لأوامرهم ، و نقيض ذلك حتمًا أمر لا يدخل في دائرةالتمهيد لولي الله الأعظم ، و ليس منا من يكره أن يكون في هذه الدائرة و يسعى جاهدًا لنيل هذا الشرف العظيم ، و مع تعدد أوجه و طرق هذا التمهيد فيمختلف الأوقات يبقى العمل الحقيقي أفضل من الإكتفاء بقراءة الأدعية و البكاء ، العمل الذي يندرج فعلًا كتمهيد لقائد عظيم كالإمام المهدي (عج). 


في زمن الكورونا ، هناك ما يندرج من ضمن الأولويات ، و هنا يقف الناس في مفترق طرق و يدخل التناقض البيوت و يلوث الأعمال ؛ فكيف تدعوا بالفرج لإمامزمانك و تدّعي التمهيد لظهوره الشريف و أنت لا تلتزم بتعاليم بسيطة محدودة المدّة ، سهلة التطبيق ، لا ينزل عليك إن طبقتها ضرر و لا ينقص من عمرك شيءإن عملتها ! هذه التوصيات لحفظك و أهلك .. نحن نرى اليوم كمية الاستهتار و عدم المبالاة و حتّى خرق الالتزام بهذه التعليمات رغم الإفتاء بحرمة ذلك !! 

هل يا ترى يكون إمام الزمان راضيًا عنك كشخص يكون غير ملتزم و هل ينطبق عليك حينها مفهوم المههد المنتظر ؟!

الجواب واضح و واقعي جدًا و هو "لا". 


لا تخدعنّ نفسك بكلمة أنني سأكون ملتزم بما يطلبه الإمام مباشرة ، نحن في إختبار بسيط اليوم و صعب في آن واحد ، كيف اسيطر على رغبتي في التجمعمع صحبي و عائلتي ، كيف اتوقف عن فعل شيء معين ، كيف أغير من نمط معين في حياتي و لوقت أجهله من أجل إمام الزمان و تطبيقًا لتعاليم الدين ! إن لمتكن قادر على الثبات في اختبار دنيوي سهل فلا تعتقد أنك قادر على الوقوف في صفّ المهدي (عجغدًا و البقاء معه لآخر رمق ، ذاك إمتحان أصعب آلافالمرات من هذا


و لنأخذ نموذج كربلاء كمثال ، من التزم بقول الحق نجا و من تخلّف لرغبات دنيوية عضّ أياديه من الندم ! نحن كربلائيون حسينيون ، تربينا في المآتم و نشأنافي المواكب فهل يعقل أن تكون حصيلة كل هذه السنين هذا الكم الضيئل جدًا من التحمل و الإلتزام و الصبر ؟؟ 

-توقف عن التزاور مع الجيران / الأصحاب / الأهل 

-توقف عن الخروج لتناول الطعام مع الأصدقاء / الأهالي 

-لا تتهاون و تستهر في التعامل فتضر نفسك و الآخرين 

هل من الممكن أن لا نلتزم بنقاط بسيطة كهذه ثم ننتظر أن نحمل سيفًا و نقاتل تحت لواء بقيت الله ؟ هذا التناقض الذي يجتاحنا في العلن و الخفاء عليه أنيرحل و إلّا فإن ولاءنا و قلوبنا المتلهفة لرؤية عزيز الزهراء بها خلل ! 


اللهم عجل لوليك الفرج

الاثنين، 11 مايو 2020

"من هم الصفوف الأمامية ؟"

مع انتشار الكورونا و اعلان لحالات الطوارئ ، تتصدر أخبار الكورونا و أبطال الصفوف الأمامية صفحات الجرائد و الأخبار الإلكترونية ، و تمتلأ مقالاتنا وأحاديثنا بالفخر بهؤلاء الأبطال اللذين ضحوا بأنفسهم في سبيل راحة الآخرين.

كثير ما نتناول هذه العبارة و نخص بها فئة المتطوعين أو الأطباء و العاملين في القطاع الصحي دون غيرهم ، فهل هؤلاء هم فقط أبطال الصفوف الأمامية ؟!


الصف الأمامي هو الصف الذي نقف فيه وجهًا لوجه مع الكورونا ، و في ظل وجود حالات متعددة للكورونا من داخل المجتمع فإن الصف الأمامي لن يكونحكرًا على ساحات المستشفيات و المحاجر الصحية و مراكز العزل ، بل سيكون ذا نطاقٍ أشمل و أوسع و هو ما نراه جليًا اليوم في البحرين ، و في هذا المقالسأتطرق لأبطال الصفوف الأمامية اللذين همّشهم بعض المجتمع و وسائل الإعلام


١-أبطال الصفوف الأمامية في القرى:

يقف العقل عاجزًا عن شكر هذه المبادرات من الجمعيات الخيرية و المتطوعين في القرى للوقوف ضد جائحة كورونا بمختلف الأساليب ، قد لا يكون هؤلاء يقدمونالخدمات الطبية ولا يحتكون بالمرضى مباشرةً و لكن ! هم يقومون بمهام تثقيفية و توعوية و وقائية داخل القرى كرفع مستوى الوعي و الحس الوقائي عبرمنشوراتهم و حملاتهم التعقيمية ، و لا يقف ذلك عند حد معين بل يتفنن اليوم أبطال القرى في أساليب مساعدة الناس للوقاية من الفايروس كخدمات التوصيلللمنازل التي يقدمها المتطوعون و برامج التدريب و الدعم للعوائل المتضررة و المحتاجة


هؤلاء سيواجهون الكورونا حتمًا ، من يعلم في نشاطهم يلتقون بمن و هل من يكون أمامهم مصابًا أو مخالطًا أو سليمًا ! هؤلاء يضحون أيضًا بأنفسهم وبأرواحهم و هم يستحقون أن يلقبوا بأبطال الصفوف الأمامية.


٢-أبطال الصفوف الأمامية في المستشفيات:

سيواجه الأطباء كارثة ان افرغوا كل الأقسام لمجابهة فايروس كورونا ، و لذلك فلا بد من بقائهم في أقسام المستشفيات و المراكز  و هم كذاك معرضون لمواجهةالمرض وجهًا لوجه مع المرضى اللذين قد يكونون مصابين ، و هذا ما أدى لإصابة أطباء الأسنان و غيرهم، هؤلاء حتم عليهم عملهم مواجهة الكورونا و الأمراضالأخرى


إن تقدير المجتمع لهذه الفئة يكاد يكون منعدم بسبب تسليط الضوء على الكادر الطبي الذي يقدم الخدمات الطبية للمرضى دون غيرهم ، لا أحد يقلل من عملهؤلاء العظيم و لكن أبطال المستشفيات يستحقون أن يكونوا أيضًا أبطال الصفوف الأمامية.


ليس فقط هؤلاء .. كل فرد يكافح الكورونا في مختلف المجالات يعتبر بطلًا في الصف الأمامي ، كل من يسخر جهده و طاقته و وقته في سبيل القضاء علىالكورونا و المحافظة على سلامة الناس و توعيتهم يعد بطلًا يستحق منا كل التقدير و الإحترام.


و نحن نقف اليوم عاجزين عن فهم روحية هؤلاء العالية و المتفانية في العمل ، هو حقًا حبهم لوطنهم و أهلهم و صحبهم و رغبتهم في العيش في حياة بدونكورونا هو محركهم الأساس ، هؤلاء هم أبطال البحرين في عام ٢٠٢٠ ، أسماؤهم سيخلدها التاريخ ناقلًا بطولاتهم لأبنائهم و أحفادهم

السبت، 29 فبراير 2020

الفيروسات الأشدّ من "الكرونا" 1:(حب الظهور)



فيروس كرونا الذي جاب بلدان العالم متخطيًا الحدود و حاصدًا للأرواح، الفيروس الذي لم يجد له الطب علاجًا حتّى الساعة، يبقى عاجزًا أمام كثيرٍ منالفيروسات النفسية التي تلوثت بها القلوب و أصبح التشافي منها مسألةً أصعب من التشافي من الكرونا نفسههي ليست فيروسات مختزنة في جسمٍ واحد،بل انتشرت حتى أصبحت تطرق باب المجتمع و تتغلغل فيه ناشرةً أعراضًا مؤذية للمريض و لكل المجتمع، هذه الفيروسات تعيش معنا، فينا ربّما و ربّما بمن همحولنا، أينما كانت، يجب التخلص منها و علاجها قبل أن نصبح ضحايا هذه الفيروسات..

بمناسبة حلول شهر رجب و شعبان ثم شهر رمضان المبارك و من باب الحرص على الأخلاق الحميدة و الأبتعاد عن القبيحة، نتناول في سلسلة مقالات"الفيروسات الأشدّ من الكرونامجموعة من الملوثات القلبية و الأخلاقية التي هي منتشرة في مجتمعنا و ما زال خطر الإصابة منها محتمل..


يحتاج الإنسان ليكمل كل نقص بداخله، فيسعى دائمًا نحو الأفضل، ولا يكتفي بما هو لديه فقط في الوقت الراهن؛ ليست عدم قناعة بل مواصلة لعجلة التطورالتي يحتاجها كل فردٍ منا و ذلك على اختلاف المراحل العمرية، مهما فعلنا سنبقى ناقصين و مفتقرين للكمال، لكن ذلك لا يعني عدم السعي أو محاولة الوصولله..


الفيروس رقم 1 الأشد من الكرونا هو فيروس "حب الظهورو له مسمى آخر هو "فيروس النقص"، أعراضه هيشعور الشخص برغبة في افتعال حدث أوحديث يلفت النظر له/محاولة الشخص الدائمة للسبق في الأمور/حب الظهور الإعلامي عبر وسائل التواصل/قلة النشاط و العطاء في غياب الإعلام و الخمولفي ظل اختفاء "الكاميرا"/الإستأناس بالمديح و الإطراء و الإعجاب السلبي بالنفس.


عند وجود هذه الأعراض أو بعضها فإن هذا الفايروس قد تخطى حدودك الخاصة و بدأ يعبث بتفكيرك و بعض أنماط حياتك وتوجهاتكو قد كشف لنا فايروس"كرونابعض ممن فيهم هذه الأعراض؛ من كانوا يسعون دومًا للسبق الإعلامي و غيره، من يتحدثون عن قضية الكرونا في مواقع التواصل الإجتماعي بشكلغريب و ملفت، من يستغل طبيعة عمله أو وضعه من أجل الحصول على متابعينو غيرهم..


كيف يتم تشخيص هذا الفايروس؟ لن تحتاج لجهاز لذلك ولا حتى لفحص دم شامل، ستحتاج فقط لملاحظة وجود هذه الأعراض، و ستكتشف أن البعض حقًامصابين بهذا المرض..

قد يتفاقم المرض ليتجاوز حده الطبيعي و ربما يقوده لوادٍ مظلم اسمهُ "الغرور". و قد تغرقه موجة تنمر مجتمعية حادة و رفيعة، كما من الممكن أن يتأثر نفسيًاأو ينكسر في حال الفشل، فليس النجاح مصير كل من بهم هذا الفايروس!هل هو مميت؟ لين يوقف عقلك عن العمل و لكن، سيكون قادر على التحكم في الكثيرمن تصرفاتك -و تلويثهاو ربما تكون عاجز في لحظةٍ ما من أن تصلّح الخراب الذي أحدثه فيك.


و لمعالجة هذا الفايروس فإن المضاد الأنسب له هو إيجاد البديل في سد النقص، و الصراحة مع النفس في حال اكتشافه فيهاقد لا أوفق لطرح علاج مثالي -ويمكن لكل منا البحث عن علاج هوس الشهرة أو حب الظهورفمناعات الأشخاص اتجاه هذا الفايروس مختلفة و متفاوتة القوة، و كل شخص يعرف كيفيتخلص من هذا الفايروس حتى بطريقته الخاصة، و من المؤسف أن لا يتخلص الشخص من مثل هذا الفايروس إلا بعد أن يحدث فيه ندب لا ينساه أبدًا.


كما لا ننسى العلاج الديني فهو من أنفع العلاجات لمثل هذه الحالات، فالمرء في هذه الأيام -أيام شهر رجبيكثر من الدعاء و طلب المغفرة له، و أن من آدابالدعاء أن يتذلل العبد أمام ربه، و هذه الحالة تربي النفس كثيرًا اتجاه معالجة حب النفس و الظهور


 لا يحملنّ أحدٌ هذه المقالة محملًا شخصيًا فهي موجهةٌ لي قبل الجميع، حب الظهور مرض منتشر في مجتماعتنا لدى البعض و قد يجعله يتصرف تصرفاتتؤذيه هو و تجعله عرضةً للتنمر و الإنتقاد اللاذع الذي لا يتحملهأن يكون لديك فكرٌ و محتوى تريد طرحه أمر و أن تسعى لتكون ذا أهمية بين الآخرين لتسدنقصًا تحسّهُ فيك ذا أمرٌ آخر، عافاني الله و إياكم من هذا الفايروس و نسألكم الدعاء


"ليس من العيب أن نصارح أنفسنا بذمائم الخلق و نقاط الضعف، فهو أول ما يجب أن نفعله لنرتقي سعيًا إلى الكمال"


---

على الهامش :

حب الظهور له ارتباط كبير جدًا جدًا بجذب انتباه الآخرين و الذي يصنف طبيًا على أنه اضطراب نفسي؛ Histrionic personality disorder (HPD).. -ابعده الله عنا و عنكم-