الأحد، 28 ديسمبر 2014

"السيدة مريم .. سيدة الصمت !"

السيدة الجليلة مريم بنة عمران - والدة النبي عيسى (ع) ، و هي صاحبة تلك القصة المؤثرة ، و التي تكون عند البعض -من ديانات أخرى لربما- غريبة !
ولكن بين سطور هذه القصة حكاية أخرى و عبرة علينا استخلاصها ..

"الصمت" ، هو الشيء الوحيد الذي أمرت به السيدة مريم حين أقبلت على قومها ؛ فجعلتهم بذلك الصمت يجولون في بحور تفكيرهم العميقة و يضعون لأسألتهم أجوبة ، و قد تكون هذه الأجوبة ليست مقنعة للعقل البشري أحيانًا ؛ فإنطلق -بإذن الله- جواب من ذلك الصغير الذي تحمله بين يديها (معجزة).
ومن هنا ، بدأت معجزات الصمت و التي ما زالت تتواجد حتى في أيامنا هذه و لكن .. بنكهة أخرى !

الصمت ؛ هو عدم التحدث و تجميد ردود الفعل. و الصمت -كما هو منتشر بين الناس- هو النقطة الفاصلة بين الضعيف و القوي ؛ في حين كونه -عند الحكماء- هي اللحظة المخيفة عند الانسان.
و هذه النقطة المنتشرة عند عامة الناس هو التعريف الخاطئ للصمت وفي حدود هذه الدنيا ذات المشاكل العديدة فإن الصمت يلعب دور كبير في ترقية العقل من الاختلاط مع العقول الصغيرة ، فضلًا عن اكتشاف هوية الأشخاص ؛ فالصمت ردة فعل ذكية جدًا تجبر الطرف الآخر على ردة فعل تكون -في الغالب- غير مدروسة ! كما إن التزام الصمت لا يعني الضعف و الخنوع ، فصمت الأئمة سلام الله عليهم في كثير من المواقف ، لا يترجم أبدًا على إنه ضعف ، فهنا يترجم الصمت على إنه صبر.

و يبقى الصمت ذو التأثير الفعال ، له ضرر واحد ؛ فليس كل البشر من صنف واحد و لا كل البشر يتحملون الصمت و السكوت في أغلب الأحوال يحمل القلب عبء لبرما يكون ثقيل على البعض ، فهنا يظهر منعطف تمايز بين البشر - فمنهم من يستطيع تحمل أضرار الصمت و افراغها دون اللجوء لأحد ، و منهم من يحتاج لوجود شخص بجانبه ليعينه على ذلك .. و لا نستطيع حصر الطرق و لا كيفيات التصرف ، فهناك الكثير الكثير منها ؛ ولكن يبقى التخلص منها أمرًا مهمًا جدًا ؛ لكونه يجر لأمراض مستقبلية نفسية كانت أو حتى جسدية.

أسلوب الصمت ، اسلوب راقي في التعامل و الرد ؛ و يترجم على حكمة و صبر في الشخصية - كما يعمل عمل المرايا للأقنعة و القلوب ، فيكشفها و يسقطها .. و لكن ليس كل فعل يرد عليه بالصمت ؛ فهناك ردود فعل لا تتحمل الصمت و يكون الصمت فيها هو الخطأ بعينه ، فعلينا أن نعي لذلك فلا نعمم الصمت كحل لكل شيء.
عند امتلاكنا لسلاح فتاك في وجه البلايا و الصعاب كالصمت ؛ فإننا لن نحمل هم بعد اليوم في مقابلة أية مشكلة ، إن ما كنا نعلم كيف نستخدم هذا السلاح و في أي وقت.