السبت، 11 يونيو 2016

[هلال خلف السور العظيم (2) - توه يعرف الله!!]

يعيش الإنسان في غفلته و جهله ، لا يدرك حجم خالقه و لا يتصور خطورة عقابه ، فيعصي و يعصي -بعلمه أو بدون علمه- ، و يتوه في هذه الدنيا المليئة بالفتن التي تفتن ناظريه ، و تسحر عقله و تلوث قلبه و لسانه ، تمامًا كالكهل الذي انكسر عكازه في منتصف الطريق .. 

كلما كثرت تلك الفتن الدنيوية كلما كانت الدنيا مزينة له أكثر ، فالطالب المغترب -خصوصًا من هم في بلد غير إسلامي- الذي يجد الحلال و الحرام بمختلف أنواعهما حوله صار معرضًا لهذه الفتنة بلا شك أو ريب ؛ لأن مغرياتها تحيط به ، و تحاول استمالة قلبه و ايجاد مكان لها فيه ، و لو لا الدين الذي يردعه لكان قد غاص في أعماق ملذات الدنيا بدون مانع و حاجب. 

في الغربة .. البعض تملكته هذه المغريات و أقعدته الدنيا بجوارها ، و البعض استمالة جزءًا من قلوبهم فزلتهم ، و البعض لم تتمكن منهم و ما زالت تحاول الوصول لقلوبهم ، و مع محاولات الدنيا المتنوعة لجذب هذا الطالب و حرف مساره عن هدفه الذي تغرب من أجله ، يهل هلال الشهر الفضيل ليلقي كلمته الفاصلة فاتحًا الباب على مصراعيه لجميع الطلبة -كلهم كلهم- للعودة إلى الله عز وجل و التحصن بحصنه المنيع.

هذا شهر رمضان المبارك ، شهر الخير و المغفرة و التوبة و الرحمة ، شهر إصلاح النفس و تحسين العلاقة بين العبد وربه ، هو كما قال رسول الله (ص) شهر دُعينا فيه لضيافته جل و على ، هو شهر يريد الله فيه لنا أن نكف عن معصيته و نتسابق لطاعته نيلًا لرضاه و أن نخلص له التوبة و العمل .. 
فما بال البعض ممن نشعر و كأن الله وكل لهم مهمة قبول التوبة ، أو ولّاهم على العباد فيحكموا بينهم بعقولهم الناقصة ، بتفكيرهم أنهم الأتقى و الأنقى و الأكثر إيمانًا بين الناس ! ما بالكم ؟!

"أنت وش عرفك بالله" / "هذا توه يعرف الله" / "طول السنة .... و أحين يسوي روحه آية الله" .. أي عقل إسلامي تمتلكون ؟ المخطئ عند الله دائمًا له فرصة في العودة إلى الله و التوبة و التقرب منه ، فكم من عاصي تاب الله عليه و أدخله مدخل المؤمنين الصالحين ؟! ما دمنا لا نمتلك الأحقية في الحكم على الأشخاص أو معرفة نياتهم أو قبول توباتهم و هدايتهم فلنكف عن الحديث الجارح الذي لا منفعة منه إطلاقًا ؛ فهذا المخطئ العاصي هنا في الغربة كأخوك و تلك كأختك ، و من حقهم عليك أن تحاول تعديل انحرافهم هذا بما تستطيع -لا إكراهًا و لا إجبارًا- .. 

عزيزي المغترب ، مجتمعنا في الاغتراب بحاجة لأن يعالج المخطئ و يرشده بأسلوبٍ لبق محترم ، لا بأن يهمشه و يعقده و يجعله كمن كفر بالله عز وجل مشوهًا صورته أمام العلن ، فلم يا عزيزي تقطع أمله بأن يترك و يعود و الله قد أعطاه هذا الأمل ؟!!
كلنا خطّائين ، كلنا مذنبين ، فلننظر لمعاصينا قبل أن ننظر لهذا و ذاك ، و لنحمده أنه ما زال يستر علينا ما نعمل و نصنع بعيدًا عن أعين الناس .. 
مجتمع مغترب يصلح من فيه = مجتمع مغترب نموذجي ! 

#ملاحظة : هذه ليست دعوة للمعصية أو تبرير خطأ مخطئ ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق