الأحد، 5 فبراير 2017

دليل في الغربة (2) - دوافع و أهداف ..


لكل سبب مسبب .. ما من دخان بدون نار ، كلها عبارات اعتدنا على سماعها في أوقات مختلفة تعبيرًا عن وجود مسبب يسبب الشيء أو الأمر الذي نواجهه ، كذلك الغربة ؛ فإن لها مسببات و هذه المسببات هي التي بناءًا عليها يتم تحديد هدف الغربة و الغاية التي تختبأ خلف ستارها.


للغربة سببين (نوعين) ، أي أن لا غربة -و هي الابتعاد عن الوطن الأم كما ذُكر في المقالة السابقة- إلا بوجود أحد هذين السببين ، و هما تغّرب اضطراري و تغرّب إرادي ، فالأول مكروه ؛ بحيث أن الإنسان يكون مضطرًا للتغرب رغمًا عنه لظرف من الظروف و حال من الأحوال ، كاللذين يتركون ديارهم لدواعي أمنية أو سياسية أو حتى اقتصادية من تدهور الحالة المادية و ضيق العيش في الوطن الأم. و قد يكون إرادي ، و هو الذي يعني تغرّب الشخص بملئ ارادته ، فهو الذي يختار هذا الخيار لهدف هو يراه و يسمو اليه ، و هذا المسبب للغربة هو الذي سنسلط عليه الضوء في مقالتنا هذه و في المقالات القادمة.


اترك وطني ؟ أهلي ؟ اصدقائي ؟ لماذا ؟ لم افعل شيء كهذا ؟ إن ظهرت هذه الأسئلة في ذهنك فأنت بدون ادنى شك تفكر في أهداف التغرب ، لأنك إن لم تكن مضطرًا للتغرب فمالذي يدفعك لذلك غير هدف أنت تطمح لتحقيقه ؟ و هنا تظهر للشخص عدة أهداف منها المشهور كالدراسة ، و منها المندثر كالبحث عن الخالق و التقرب اليه ، و رغم ذلك فإن ليس هناك شخص يستطيع حصر أهداف الغربة في نقاط معينة ، فلكل مغترب يغترب تغرّب إرادي هدف قد يكون خاصًا به و نادر كذلك.


يمكننا ذكر بعض هذه الأهداف من باب الإطلّاع المحدود الذي امتلكه ، و هم : (الدراسة / الزواج / الوظيفة / جمع المال / استكشاف الحضارات أو العادات و التقاليد الخاصة بمجتمع معين / تطوير الذات / تنمية المهارات و القدرات / التدريب أو التدرب / العيش في مستوى معيشي أفضل أو ارقى / اكتساب اللغات / تعلم حرفة جديدة / ...).

سيكون محور حديث هذه المقالات و سلسلة مقالات (دليل في الغربة) عن التغرّب من أجل الدراسة أو كما يسميها البعض طلب العلم.


"اطلبوا العلم و لو في الصين" ، من منّا لم تمر عليه عبارة الرسول (ص) هذه ، اذا دققنا في معانيها سنعلم حرص هذا الدين و تعلّقه الشديد بالعلم ، و لذلك كان الوحي ينطق بهذه الآيات عند هبوطه : ﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ اقرَأ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسانَ ما لَم يَعلَم﴾ [العلق: ١-٥]. و الطالب المغترب مجاهد في سبيل الله حتى يعود ، و إن كل طالب مغترب له الحق أن يفخر و بأن يتغنى بين الجماعات أنه كذلك و أنه ينتمي لهذه الفئة ، و المقالات القادمة ستتناول مواضيع تتحدث بشكل مختص عن الطلبة المغتربين .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق