الجمعة، 31 أكتوبر 2014

"نحن العطاشى يا حسين - هل من توبة ؟"

و في موسم الثقافة العقلية و تحت راية مدرسة عاشوراء المرفرفة في ميادين الفكر و الفلسفة تستوقفنا قصة معبرة كان لها الأثر في نفوس الكثيرين ممن أشغلتهم الدنيا بزينتها و أغوتهم نفوسهم فأكتسوا سواد أعمالهم هي قصة الحر بن الحرة "الحر بن يزيد الرياحي" رضوان الله عليه 

كان الحر يوم العاشر من المحرم المثل الأسمى و الآية المؤثرة لنموذج الشخص المقبل على دخول النار ثم تاب فحين قبل الله توبته دخل الجنة في أعلى المراتب ! الحر ، ذلك الرجل الذي قطع على الإمام طريقه و الذي قال له الحسين (ع) : ثكلتك أمك يا حر ، روعت بناتي... ، الحر ذلك الذي وقف في معسكر يزيد بدايةً و كان يأتمر بأمر بن سعد ، الحر الذي بشر بالجنة و هو كان مقدم على قتال سيد الشهداء ، أي جنة هذه التي يبشر بها شخص سيقدم على قتل السبط حسين ؟ 

لم يكن الحر نموذجًا فريد من نوعه إلا لكون الحر قد مر بمراحل التوبة جميعها ، أولها هو التفكر في أمر النفس و مراجعة موقف النفس و ذلك ما فعله حين نظر إلى صفه و هو يقاتل من لحساب من ، ثانيها وهو النية لتغيير الموقف الخاطئ و استبدالها بالموقف الصحيح ابتغاء مرضاة الله و ذلك تجلى واضحًا حين توجه الحر للحسين تاركًا معسكر بن سعد طالبًا التوبة ، ثالثها الثبوت على التوبة حتى يقبلها الله عز و جل و هو الموقف الذي ثبت عليه الحر في يوم العاشر حين كان يقاتل بنو أمية قتال الثابت على موقفه الغير مبالي بالموت و كثرة الأعداء

و بالتمعن في نموذج الحر يوم العاشر من المحرم نرى أن ثمة نموذج آخر يعكس حال الشخص المستمر على المعصية و النفس الغير متقبلة لسياسة التوبة ألا و هم جند يزيد الذين استمروا في قتال سيد الشهداء لنيل جائزة الأمير دون الإكتراث بأحد ، فالموقف واحد و الصف واحد و لكن ثمة قلوب عماها الله تعالى عن توبته و ثمة قلوب هداها عز و جل لطاعته ، و هنا يتجلى مفهوم التوفيق الإلهي لطريق الله عز و جل ، حيث يقول تعالى :( يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ). و قد يطرح البعض هذا التساؤل في ظل الحديث عن المدد الإلهي : هل لقتلة الحسين توبة ؟ يقول زين العابدين مجيبًا عن هذا السؤال : لو استغفر قاتل ابي لغفر الله له...

يا لعظمة الخالق حين يقبل توبة حتى من اقترفوا ذنب كقتل سيد شباب أهل الجنة ، و لكن الخلل لم يكن إلا في قلوبهم فقد ختم الله عليها و أعماها عن طريق التفكير في التوبة و الإستغفار له سبحانه.
نحن متخيرين الآن ، بين البقاء كجند يزيد أم اللجوء للتوبة كالحر و أي الطريقين تختارون ؟ فليكن محرم هذا بداية قصة معبرة أخرى عنوانها "أريد أن أكون كالحر"

مأجورين يا توابين 

هناك تعليق واحد:

  1. احسنت و سلمت يداك ... جعلك الله من خدام الحسين عليه السلام

    ردحذف