السبت، 25 أكتوبر 2014

"حادي محرم بين نارين !"


يقول صادق الآل: "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا"، تعود علينا في هذه الأيام الذكرى السنوية لإستشهاد سيد الشهداء و منبع الفكر الخالد الإمام الحسين بن علي (ع)، فها هي خطوات محرم تتوقف، و السواد يعم أرجاء القرى و المآتم، أصبحنا نعد الليالي ترقبًا لبزوغ هلال الشهر الحرام و تذكر مصيبة لم و لن تفقها في الشدة مصيبة، و نحن إذ نفعل ذلك إنما نمتثل لدعوة الإمام الصادق من جهة و نستذكر القضية الإنسانية التي سعى لنشرها سيد الشهداء منذ قرون مضت، إنها قضية كربلاء - كربلاء التضحية و العبر-، لكن و مع استهلال شهر محرم تنطلق شرارة حدث كروي مترقب فنصبح بين نارين! نار في خيام زينب، و نار في ملعب البرنابيو.

من أمتع و أكثر الأحداث الكروية جاذبية هو ما يطلق عليه مسمى (الكلاسيكو) و هو مباراة تجمع بين فريقين عريقين ذا سيط عالمي يعتبرون الأقوى في أرض ما، و لعل أكثر الكلاسيكوات متعة و الأكثر متابعة هو كلاسيكو ريال مدريد و برشلونة الذي ينتظره الكثير و يعدون الأيام لقدومه، و ما يميزه هو الطابع الحماسي الذي يخلقه في المتابعين فضلًا عن كون المباراة احتدام بين عمالقة في كرة القدم كميسي و رونالدو و غيرهم، جاذبةً شريحة مجتمعية كبيرة لمشاهدة هذه المباراة و الإندماج في أحداثها -بالمناسبة أنا مشجع برشلوني و أتمنى الفوز لبرشلونة-.

و يصادف موعد الكلاسيكو هذه المرة أولى ليالي الشهر الحرام، وقت المباراة الذي سيكون مواكب لوقت قراءة المآتم هو العقبة التي ستواجهنا كمتابعين مترقبين لهذه المباراة، فسنكون حينها بين مفترق طرق فإما تذهب لمتابعة المباراة أو تتنقل بين المآتم، و بناءًا على جواب السؤال "أيهما أكثر أهمية ؟" سيتحدد ما ستقوم بفعله، و قد يكون الحل الأكثر إنصافًا و الأكثر تقبلًا للشباب هو حضور الإثنين -و إن كان صعبًا-.

ضحى أبا عبدالله بنفسه و أهل بيته من أجل إيصال رسالة خالدة و من أجل غرس صفات نبيلة في نفوسنا نحن كشيعة، و ما جزاء الإحسان إلا الإحسان، ما نستطيع من رد الجميل لهذا الرجل العظيم؛ لأن مهما قدمنا فإننا لا نوفيه حق ما صنع، ما سيكون موقفنا عندما نتخلف عن إحياء مصيبته بسبب مباراة ليست الأولى و لا الأخيرة؟ و ما سيكون موقفنا إن خرجنا فرحين بإنتصار فريق نشجعه ثم نتوجه للمآتم ليكون محور حديثنا فيها فعل ذلك اللاعب و صنع ذاك؟

ألا نشعر بالحرج إزاء هذه التصرفات التي لم يربنا عليها مأتمه، هذا ليس تعصب و ليس محاولة مني لإظهار تدين و لست بـ "مطوع" و لكن قضية الحسين قضية حساسة تستوجب إعدادًا يسبق موسم عاشوراء بفترة فعن آية الله بهجت أنه قال: "أتركوا المعصية قبل 40 يوم من محرم الحرام لتزداد دموعكم على الإمام الحسين (ع)"، فالإعداد النفسي لإستقبال مصيبته أمر في غاية الأهمية؛ لنكون ممن يواسون أمه الزهراء عليها السلام و الإمام صاحب العصر (عج).

الليلة أترك كل شيء و ليكن همك هو الحسين و مصيبته، فليكن همك من صرخت في مواكبه لاطمًا هاتفًا "لبيك يا حسين"، و تذكر أن الحسين في نفس هذا الوقت قبل مئات السنين كان يسير بركبه يطلب النصرة فلا يجدها، أنصره بتسجيل أكبر عدد حضور في المآتم و لا يغب عن بالك أن هذه المباراة ليست الوحيدة فثمة أخريات نستطيع مشاهدتها و الاستمتاع بها، لكن عشرة الحسين لا توجد إلا مرة كل عام، و لست ممن يضمنون إدراك العشرة في العام القادم! فلنثبت للحسين أنه و قضيته أهم من كل شيء آخر قد تهواه أنفسنا.

جعلنا الله و إياكم من خدمة أبي عبدالله .. مأجورين مثابين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق